تبصرة الحكام

ابن فرحون d. 799 AH
64

تبصرة الحكام

تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام

ناشر

مكتبة الكليات الأزهرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1406 ہجری

پبلشر کا مقام

مصر

خَصْمٍ الْقَاضِيَ. قَالَ أَصْبَغُ: لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَلْيَذْكُرْ فِي حُكْمِهِ رِضَاهُ بِالتَّحَاكُمِ إلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حُكْمُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ. [الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ الْمَقْضِيُّ بِهِ] ِ وَهُوَ الْحُكْمُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي صَاحَبَهَا الْعَمَلُ. فَإِذَا كَانَ خَبَرًا صَحِبَتْ غَيْرَهُ الْأَعْمَالُ قَضَى بِمَا صَحِبَتْهُ الْأَعْمَالُ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ أَصْلِ مَالِكٍ ﵀ إذْ الْعَمَلُ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْآحَادِ، وَكَذَلِكَ الْقِيَاسُ، عِنْدَهُ مُقَدَّمٌ عَلَى أَخْبَارِ الْآحَادِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي السُّنَّةِ شَيْئًا نَظَرَ فِي أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَقَضَى بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا قَضَى بِمَا صَحِبَتْهُ الْأَعْمَالُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ أَيْضًا أَنَّ الْعَمَلَ اتَّصَلَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ تَخَيَّرَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، وَلَا يُخَالِفُهُمْ جَمِيعًا، وَقَدْ قِيلَ: لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ، وَإِنْ خَالَفَهُمْ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إجْمَاعِ التَّابِعِينَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ ﵃، وَفِي كُلِّ إجْمَاعٍ يَنْعَقِدُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]؛ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «لَنْ تَجْتَمِعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ»؛ وَلِقَوْلِهِ ﵊ «يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ»، فَإِذَا ضَمِنَ اللَّهُ - تَعَالَى - حِفْظَ الْجَمَاعَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِمْ الْغَلَطُ وَالسَّهْوُ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي النَّازِلَةِ إجْمَاعًا قَضَى بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ النَّظَرُ وَالِاجْتِهَادُ فِي الْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ مَشُورَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى شَيْءٍ أَخَذَ بِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا نَظَرَ إلَى أَحْسَنِ أَقْوَالِهِمْ عِنْدَهُ، وَإِنْ رَأَى خِلَافَ رَأْيِهِمْ قَضَى بِمَا رَأَى إذَا كَانَ نَظِيرًا لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ قَوْلٌ فِيهِ اعْتِرَاضٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِمَا رَأَى، وَإِنْ كَانُوا أَعْلَمَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يَصِحُّ لِلْمُجْتَهِدِ فِيمَا يُرَى خِلَافُهُ بِإِجْمَاعٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَهُ التَّقْلِيدُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ فِي النَّازِلَةِ حُكْمٌ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى التَّقْلِيدَ وَيَقُولُ بِهِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَتْرُكَ النَّظَرَ وَالِاجْتِهَادَ وَيُقَلِّدَ مَنْ قَدْ نَظَرَ وَاجْتَهَدَ أَمْ لَا وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ يَعْرِفُ

1 / 64