وَيدل عَلَيْهِ أَنه لَو كَانَ النَّفْي فِي الْخَبَر بِأَن قَالَ مَا فعلت كَذَا اقْتضى التّكْرَار وَلَو كَانَ للإثبات فِي الْخَبَر بِأَن قَالَ فعلت كَذَا اقْتضى مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم
وَلِأَن النَّهْي لَو قَيده بِمرَّة وَاحِدَة اقْتضى التّكْرَار وَلَو قيد الْأَمر بِمرَّة وَاحِدَة لم يقتض التّكْرَار فَدلَّ على الْفرق بَينهمَا
وَاحْتَجُّوا بِأَن قَوْله صل يحْتَمل صَلَاة وَأكْثر من صَلَاة على طَرِيق الْحَقِيقَة أَلا ترى أَنه يجوز أَن يُفَسر بِالْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَن يحمل اللَّفْظ على الْكل
وَالْجَوَاب أَنه يبطل بقوله صليت لِأَنَّهُ يحْتَمل صَلَاة وَأكْثر على مَا ذَكرُوهُ ثمَّ لَا يحمل إِطْلَاقه إِلَّا على أدنى مَا يتَنَاوَلهُ الِاسْم
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَو قَالَ احفظ هَذَا فحفظه سَاعَة ثمَّ ترك حفظه اسْتحق التوبيخ والعقوبة وَلَو لم يقتض الدَّوَام لما حسن توبيخه وعقوبته
وَالْجَوَاب أَن معنى الْحِفْظ أَن لَا يضيع فَإِذا حفظه سَاعَة ثمَّ تَركه صَار مضيعا فَلم يَجْعَل ممتثلا لِلْأَمْرِ فَلهَذَا أوجب عَلَيْهِ على الدَّوَام وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا قَالَ صل فَإِن ذَلِك يَقْتَضِي تَحْصِيل مَا يُسمى صَلَاة وَذَلِكَ يحصل بِفعل صَلَاة وَاحِدَة فَافْتَرقَا
وَيدل عَلَيْهِ أَنه لَو حفظ سَاعَة ثمَّ خلاه لم يحسن مِنْهُ أَن يَقُول حفظت وَلَو صلى صَلَاة وَاحِدَة حسن أَن يَقُول صليت فَافْتَرقَا
وَلِأَن الْبر فِي الْيَمين على الْحِفْظ لَا يحصل إِلَّا بالمداومة وَالْبر فِي الْيَمين على الصَّلَاة وَسَائِر الْأَفْعَال يحصل بِأَدْنَى مَا يتَنَاوَلهُ الِاسْم فَدلَّ على الْفرق بَينهمَا
وَاحْتَجُّوا بِأَن الْأَمر يَقْتَضِي وجوب الْفِعْل وَوُجُوب الِاعْتِقَاد ثمَّ اعْتِقَاد الْفِعْل يجب تكراره فَكَذَلِك الْفِعْل
قُلْنَا لَا يمْنَع أَن يجب تكْرَار الِاعْتِقَاد دون الْفِعْل كَمَا لَو قَالَ صل مرّة فَإِن الِاعْتِقَاد يتَكَرَّر وُجُوبه وَالْفِعْل لَا يتَكَرَّر وُجُوبه
1 / 45