231

تبصرہ

التبصرة

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

ادب
تصوف
وَجَعَلَهُمْ عَلَى حِفْظِ سِرِّهِ يُؤْتَمَنُونَ، إِذْ كَانُوا بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ يُؤْمِنُونَ، فَلَهُمْ [مِنْ] فَضْلِهِ فَوْقَ مَا يَشَاءُونَ ﴿وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾ .
خلقهم لخدمته وأرادهم، وأربحهم فِي مُعَامَلَتِهِ وَأَفَادَهُمْ، وَجَعَلَ الرِّضَا بِقَضَائِهِ زَادَهُمْ، وَأَعْطَاهُمْ مِنْ جَزِيلِ رِفْدِهِ وَزَادَهُمْ؛ وَأَثَابَهُمْ مَا لَمْ يَخْطِرْ عَلَى الظُّنُونِ ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يعملون﴾ .
كَانُوا يُصَدِّقُونَ فِي الأَقْوَالِ وَيُخْلِصُونَ فِي الأَعْمَالِ، ولا يرضون بالدنىء مِنَ الْحَالِ، وَلا يَأْنَسُونَ بِمَا يَنْتَهِي إِلَى زَوَالٍ، فَجَزَاهُمْ عَلَى أَفْعَالِهِمْ ذُو الْجَلالِ، إِذْ أَسْكَنَهُمْ فِي جَنَّتِهِ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ متكئون ﴿جزاء بما كانوا يعملون﴾ .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تأثيما﴾ اللَّغْوُ [مَا] لا يُفِيدُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ خَمْرَ الْجَنَّةِ لا تَذْهَبُ بِعُقُولِهِمْ فَيَلْغُوا وَيَأْثَمُوا كَمَا يَكُونُ فِي خَمْرِ الدُّنْيَا.
فَإِنْ قَالَ: التَّأْثِيمُ لا يُسْمَعُ فَكَيْفَ ذُكِرَ مَعَ الْمَسْمُوعِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْعَرَبَ تُتْبِعُ آخِرَ الْكَلامِ أَوَّلَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ فِي أَحَدِهِمَا مَا يَحْسُنُ فِي الآخَرِ، فَيَقُولُونَ أَكَلْتُ خُبْزًا وَلَبَنًا. قَالَ الشَّاعِرُ:
(إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا ... وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ والعيون)
وَالْعَيْنُ لا تُزَجَّجُ، فَرَدَّهَا عَلَى الْحَاجِبِ. وَقَالَ آخَرُ:
(وَلَقَدْ لَقِيتُكَ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا)
وَقَالَ آخَرُ:
(عَلَّفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدَا ...)

1 / 251