182

تبصرہ

التبصرة

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

ادب
تصوف
شُكْرَكَ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَفَضَّلْتَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ تَفْضِيلا. فَقُلْتُ: لأَنْظُرَنَّ أَشَيْءٌ عُلِّمَهُ أَوْ أُلْهِمَهُ إِلْهَامًا. فَقُلْتُ: عَلَى أَيِّ نِعْمَةٍ تَحْمَدُهُ، فَوَاللَّهِ مَا أَرَى شَيْئًا مِنَ الْبَلاءِ إِلا وَهُوَ بِكَ! فَقَالَ: أَلا تَرَى مَا قد صَنَعَ بِي؟ فَوَاللَّهِ لَوْ أَرْسَلَ السَّمَاءَ عَلَيَّ نَارًا فَأَحْرَقَتْنِي وَأَمَرَ الْجِبَالَ فَدَكَّتْنِي وَأَمَرَ الْبِحَارَ فَغَرَّقَتْنِي مَا ازْدَدْتُ لَهُ إِلا حَمْدًا وَشُكْرًا، وَلَكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ، بُنَيَّةٌ لِي كَانَتْ تَخْدِمُنِي وَتَتَعَاهَدُنِي عِنْدَ إِفْطَارِي فَانْظُرْ هَلْ تُحِسُّ بِهَا؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجِو أَنْ يَكُونَ لِي فِي قَضَاءِ حَاجَةِ هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ ﷿. فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهَا بَيْنَ تِلْكَ الرِّمَالِ فَإِذَا السَّبُعُ قَدْ أَكَلَهَا فقلت: إنا لله وإنا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ! مِنْ أَيْنَ آتِي هَذَا الْعَبْدَ الصَّالِحَ فَأُخْبِرُهُ بِمَوْتِ ابْنَتِهِ، فَأَتَيْتُهُ
فَقُلْتُ: أَنْتَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً أَمْ أَيُّوبُ؟ ابْتَلاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَبَدَنِهِ حَتَّى صَارَ غَرَضًا لِلنَّاسِ؟ فَقَالَ: لا بَلْ أَيُّوبُ. فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَتَكَ الَّتِي أَمَرْتَنِي أَنْ أَطْلُبَهَا أَصَبْتُهَا فَإِذَا السَّبُعُ قَدْ أَكَلَهَا. فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْنِي مِنَ الدُّنْيَا وَفِي قَلْبِي شَيْءٌ. ثُمَّ شَهَقَ شَهْقَةً فَمَاتَ. فَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ أَنَا وَجَمَاعَةٌ مَعِي ثُمَّ دَفَنْتُهُ. ثُمَّ بِتُّ لَيْلَتِي حَتَّى إِذَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ قَدْرُ ثُلُثِهِ وَإِذَا بِهِ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَإِذَا عَلَيْهِ حُلَّتَانِ خَضْرَاوَانِ وَهُوَ قَائِمٌ يَتْلُو الْقُرْآنَ، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ صَاحِبِي بِالأَمْسِ؟ فَقَالَ: بَلَى. فَقُلْتُ: مَا صَيَّرَكَ إِلَى مَا أَرَى؟ فَلَقَدْ زِدْتَ عَلَى الْعَابِدِينَ دَرَجَةً لَمْ يَنَالُوهَا. قَالَ: بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلاءِ وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْيُوسُفِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِهْرَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْخَوَّاصُ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ الأَصْغَرُ، حَدَّثَنِي حُرَيْثُ بْنُ طَرَفَةَ قَالَ كَانَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَصُومُ الدَّهْرَ وَيُفْطِرُ عَلَى قُرْصٍ وَيَتَسَحَّرُ بِآخَرَ، فَنَحِلَ وَسَقِمَ جِسْمُهُ حَتَّى صَارَ كَهَيْئَةِ الْخَيَالِ، فَلَمَّا مَاتَ وَأُدْخِلَ مُغْتَسَلَهُ لِيُغَسَّلَ كُشِفَ الثَّوْبُ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ كَالْخَيْطِ الأَسْوَدِ قَالَ: وَأَصْحَابُهُ يَبْكُونَ حَوْلَهُ. قَالَ حُرَيْثٌ: فحدثني يحيى البكاء وإبراهيم ابن مُحَمَّدٍ الْعُرَنِيُّ قَالا: لَمَّا نَظَرْنَا إِلَى حَسَّانٍ عَلَى مُغْتَسَلِهِ وَمَا قَدْ أَبْلاهُ الدُّءُوبُ اسْتَدْمَعَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَعَلَتْ

1 / 202