141

تبصرہ

التبصرة

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

ادب
تصوف
لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ ".
فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ مِنْ أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مِنْ حَيْثُ إِسْنَادِهِ، فَرُبَّمَا خُيِّلَ إِلَى السَّامِعِ أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ مِنْهُ رَجُلٌ، لأَنَّهُ إِذَا سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ عَرَفَ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ يَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ يَظُنُّ ذَلِكَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ. وَسَلَمَةُ يَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا.
وَالثَّانِي: الْكِنَايَةُ فِي قَوْلِهِ: " وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا " وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، كَنَّى عَنْهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَقَدَّمَ لَهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿حتى توارت بالحجاب﴾ يَعْنِي الشَّمْسَ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ. وَالثَّانِي: عَنِ الْجَنَّةِ.
وَالثَّالِثُ: يَعْنِي تَسْمِيَتَهُ بِذِي الْقَرْنَيْنِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْكِنَايَةَ عَنِ الأُمَّةِ فَإِنَّ عَلِيًّا ﵇ ضُرِبَ عَلَى رَأْسِهِ فِي اللَّهِ ﷿ ضَرْبَتَيْنِ الأُولَى ضَرْبَةُ عَمْرِو بْنِ وَدٍّ وَالثَّانِيَةُ ابْنِ مُلْجِمٍ، كَمَا ضُرِبَ ذُو الْقَرْنَيْنِ عَلَى رَأْسِهِ ضَرْبَةً بَعْدَ ضَرْبَةٍ. وَإِنْ قُلْنَا: الْكِنَايَةُ عَنِ الْجَنَّةِ فَقَرْنَاهَا: جَانِبَاهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ.
وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ: " فَلا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ " رُبَّمَا تَخَايَلَ أَحَدٌ جَوَازَ الْقَصْدِ لِلأُولَى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الأُولَى الَّتِي لَمْ تُقْصَدْ.
وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ: " اصْرِفْ بَصَرَكَ ".
وَهَذَا لأَنَّ النَّظْرَةَ الأُولَى لَمْ يَحْضُرْهَا الْقَلْبُ فَلا يَتَأَمَّلُ بِهَا الْمَحَاسِنَ وَلا يَقَعُ الالْتِذَاذُ، فَمَتَى اسْتَدَامَهَا بِمِقْدَارِ حُضُورِ الذِّهْنِ كَانَتْ كَالثَّانِيَةِ فِي الإِثْمِ.
وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ ﵇ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَا عَلِيُّ اتَّقِ النَّظْرَةَ بَعْدَ النَّظْرَةِ، فَإِنَّهَا سَهْمٌ مَسْمُومٌ تُورِثُ شَهْوَةً فِي الْقَلْبِ ".

1 / 161