طبیعیات فی علم کلام
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
اصناف
وإذا غادرنا البدايات الكندية، وجدنا التراث الإغريقي وقد انتظم رافدا دافقا في نهر الحضارة الإسلامية، وأصبح ذا فاعلية أقوى، والفلسفة وقد اكتملت أطرها مع أبي نصر الفارابي (259-339ه/872-980م) وذات بناء أكمل، فعد لهذا المعلم الثاني، على الرغم من أنه «مقل في التأليف وقصير النفس فيه.»
9
وكان أكثر اهتماما بالإنسان والأخلاق والسياسة والموسيقى منه بالطبيعة.
لكن كان من المنطقي أن تتكامل الأطر مع الفارابي؛ لأنه آمن إيمانا جارفا بوحدة الحقيقة، إنه المركز الإسلامي الصميم: عقيدة التوحيد، يتكشف في شكل هم الفارابي بوحدة الحقيقة.
الوحي ذاته ليس غيبا مستورا، بل ناشئا عن المخيلة القوية للأنبياء القادرة على هذا الإدراك المتفرد للحقيقة. شغف الفارابي بوحدة الحقيقة وضعه على المفترق القلق بين دهرية الإغريق وبين الألوهية في الوحي الإسلامي، ووجد طوق النجاة أو المركب الجدلي من هاتين المتناقضتين في: نظرية الفيض الأفلوطينية، وهي تقوم على الأقانيم الثلاثة: المطلق - العقل - النفس الكلية، وفيض أو صدور الأقنوم عن سابقه.
النبع النوراني الأصيل الثابت للوجود هو المطلق، أو الأول أو الواحد أو الخير، وبالفيض يصدر عنه العقل، ثم تفيض عنه النفس الكلية
10
ها هنا كما رأى الإغريق: العالم لم يخلق من العدم، لكن الله علة وجوده كما ينص الوحي الإسلامي.
المطلق/الواحد عند أفلوطين هو الله/العلة الأولى عند الفارابي الذي مارس دوره في استغلاله للقوالب الأرسطية، فوضع للطبيعة تحديدا شبه أرسطي ذاهبا أنها مصدر الحركة والسكون دون قوة خارجية أو مريدة، ولكن في تصنيفه أو إحصائه للعلوم يجعل العلم الطبيعي مع العلم الإلهي علما واحدا، فلا تعود الطبيعيات إلهيات مقلوبة فحسب، بل إنها هي ذاتها إلهيات.
على أن دور الفارابي الفعال في مسار الطبيعيات الإسلامية يتلخص في أنه أول من ناقش «حدوث العالم» ورفضه، فوضع - بديلا - نظرية الفيض في سياق التطور التاريخي للفلسفة الإسلامية، بعد استعارة هذه النظرية كشكل وملئها بالمضمون الإسلامي. •••
نامعلوم صفحہ