طبیعت اور اس سے آگے: مادہ، زندگی، خدا
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
اصناف
فالمركب تابع لأجزائه لاحق عليها، وليس التابع اللاحق مفسرا بنفسه، بل بأجزائه، وبالعلة المركبة. والمتغير لا يتغير بذاته من الوجه الذي هو فيه بالقوة، فليس للساكن أن يتحرك إلا بمحرك حاصل على قدرة التحريك بنفسه، أو متحرك بآخر، حتى نصل إلى محرك بنفسه. والحادث، أي الموجود بعد لا وجود، لا يوجد ذاته، وإلا كان سابقا على ذاته، وهذا بين البطلان في كل ما لا يوجد بنفسه. والموجود المتناهي المحدود محصور في ماهية معينة، وفي مكان وزمان معينين، وينقصه ما خلا ذلك من ماهيات وأمكنة وأزمنة، فلا يكون مبدأ أولا مفسرا بنفسه. وغير صحيح أن فكرة اللامتناهي الكامل سابقة في عقلنا على فكرة المتناهي الناقص. ولأجل أن نعلم أن موجودا ما هو ناقص، فلا حاجة إلى مقارنته بالكامل، بل تكفي مقارنته بموجود أقل نقصا منه.
هذا إجمال للبراهين على وجود الله، قد يقنع به المتأمل في معانيها ومبائدها برؤية بريئة من تقليد المنكرين وإغرابهم. ولكن المنكرين قد أسرفوا حقا في الاعتراض والتخريج والإغراب، فلابد من استئناف النظر في تلك البراهين لزيادة جلائها، ودفع الشبهات عنها، ودحض الاعتراضات عليها، كي تخرج جلية ناصعة شارحة للصدور. ولم نشأ أن نجمع كل ما أسمي برهانا أو دليلا، فإن منها الضعيف الحقيق بالإبطال، وأخصر من الإبطال والإغفال، والنتيجة واحدة. بل اقتصرنا على ثلاثة براهين عامة، أي شاملة للموجود بما هو موجود أعني لجميع الموجودات، وخمسة منطبقة على طائفة معينة أو ناحية من الوجود. (2) برهان من الحركة إلى محرك ثابت
كل موجود طبيعي؛ فهو متحرك إما بالنقلة من مكان إلى آخر، أو من حال إلى غيرها، أو من مقدار إلى أكثر منه، وبالعكس. فالحركة ظاهرة عامة في الطبيعة. ومبدأ البرهان أن ليس يمكن أن يكون شيء بعينه محركا لنفسه، وإلا لزم وجوده قبل نفسه، وهذا محال، حتى الكائن الحي الذي نقول إنه متحرك من ذاته. فإنه منتظم من قوى ومن أعضاء يحرك أحدها الآخر. فكل متحرك هو في الحقيقة متحرك من غيره. وسنبين الآن أنه لا يجوز التداعي إلى غير نهاية في سلسلة العلل المحركة، وأن لا بد من الانتهاء إلى محرك أول غير متحرك.
وليس المقصود فقط الحركة المادية الآلية، بل كل تغير أو خروج من القوة إلى الفعل، كخروج الإرادة التي هي قوة روحية، فنصل إلى محرك كلي يحرك كل موجود، مباشرة لا بالواسطة، فإن العلة الأولى تفعل في كل فعل؛ لأنها علة كل وجود، والفعل وجود، لكن بحيث يكون لكل موجود أيضا فعل خاص، على ما سنوضحه بعد.
وليس المقصود الرجوع إلى لحظة أولى بدأت فيها علية الله، كما يتوهم كثيرون، بل الصعود في الآن الحاضر وفي كل آن إلى علة أولى. بغض النظر عن قدم العالم وحدوثه. وهذا يعني أن البرهان يعتمد بالذات على علل مقتضاة بالذات للمعلول ومرتبة فيما بينها، فهي متناهية العدد حتما ، وإلا لم يوجد هذا المعلول. والفارق بين هذا الترتيب أو التسلسل بالذات وبين التسلسل الزماني أو بالعرض أنه ليس يستحيل أن يتولد الإنسان من إنسان إلى غير نهاية إذا افترضنا قدم العالم، وهذا تسلسل بالعرض، بينما يمتنع التسلسل لو كان توليد إنسان متوقفا على إنسان وعلى العناصر الطبيعية وعلى الشمس، وهكذا إلى ما لا يتناهى.
وامتناع التسلسل في العلل يعني عدم الوصول أبدا إلى علة أولى، أو عدم وصول العلية إلى المعلول، فيظل المعلول الذي نطلب علته معلقا بلا علة، ويبطل مبدأ العلية، وهو بديهي لا يمكن إبطاله. وليس معناه أن لكل موجود علة، كما ظن كنط، بل إن لكل معلول علة، أي لكل ما يظهر للوجود ويدل بهذا الظهور على افتقاره، وإلا لأدى مبدأ العلية إلى إنكار العلية، كما تقدم، وهذا خلف. وتتضح ضرورة الوقوف عند علة أولى إذا عكسنا السير وحاولنا التأدي من العلة إلى المعلول، فإننا نرى حينئذ استحالة هذه المحاولة أيضا، من حيث إننا افترضنا مسافة غير متناهية بين الحدين، والمعلول مع ذلك ماثل أمامنا. فهل هناك برهان أبين من هذا؟ (3) برهان من النظام إلى منظم
يمضي هذا البرهان من النظام البادي في الأشياء وفي علاقاتها بعضها والبعض، حتى العاطلة عن المعرفة، فإنها جميعا توجد في هيئة مخصوصة متناسقة، وتفعل دائما أو في الأكثر على سياق مطرد، إذا لم يعقها عائق، كما يبين من تجربتنا اليومية ومن القوانين العلمية، فتصون وجودها وتصون النظام في العالم؛ مما يقطع بأنها لا تبلغ إلى غايتها مصادفة، بل قصدا، والمصادفة لا تجري على نظام، ولا ترمي إلى نظام. وإذا فرضنا المستحيل وسلمنا جدلا أنها قد تؤدي إلى النظام مرة، فليس يعقل أن تكون هي سبب تحقيق النظام في جميع الكائنات، وسبب استمراره واطراده، ومبدأ البرهان أن الكائن الخالي عن المعرفة، لا يتجه إلى غاية ما لم يوجه إليها من عارف، وأن المتباينات لا تتسق بعضها مع بعض ما لم يطبعها طابع على الاتساق. والنتيجة أن لا بد من موجود عارف صنع الكائنات، ورتب لكل منها هذين النوعين من النظام، واحد له في ذاته ، وآخر له مع غيره.
ومما تجب ملاحظته أن هذا البرهان، في حد ذاته، لا يقتضي إثبات نظام شامل في العالم أجمع، بل حتى لو أربت جملة الاضطراب على جملة النظام - وهذا محال - يبقى من المتعين الفحص على علة النظام حيثما وجد. والعلامة المميزة للمصادفة، والمفرقة بينها وبين الغائية، هي عدم الاطراد وعدم النظام، بينما النظام السائد في العالم ثابت كل الثبات، مطرد بلا تخلف على تعقده، تحكمه قوانين نتوقع معلولاتها توقعا يقينيا: فكيف يدعى أن مثل هذا النظام المطرد ناتج مصادفة، أي من عدم النظام وعدم الاطراد؟ ومع ذلك فهذا ما يدعيه منكرو الغائية. وهم يؤيدون دعواهم بقولهم: إن جميع الذرات المركبة للأشياء قد تحققت تركيباتها مرة أو أخرى ضرورة في غضون أزمنة متطاولة.
ونحن نرد بأن من الممكن جدا بل من الراجح جدا أن تكون أبسط المركبات هي التي تحققت، وهي التي تعود إلى ما لا نهاية لقلة ذراتها وسهولة اجتماعها، ولا تكون عادت المركبات المعقدة. ونسألهم: ماذا تفيد المركبات المعقدة لو عادت ملايين المرات؟ كيف نسلم بأن الحياة والفكر ينتجان عن اجتماع ذرات مادية، أي عن قوى عمياء؟ إحدى اثنتين: إما أن موجودا عاقلا صنع العالم المادي، أو أن العالم المادي صنع العقل والعاقل، ولا وسط بين الطرفين؛ ولا ريب أن الطرف الأول أكثر رجحانا وأيسر قبولا.
وعلى ما لهذا البرهان من قوة وحظوة في كل عصر، فقد عارضه كثيرون. أهم اعتراض أن العالم متناه، فلا يقتضي سوى منظم متناه، وأن الانتقال من المنظم المتناهي إلى منظم غير متناه، غلط منطقي هو أشبه شيء بغلط دليل القديس أنسلم حيث ينتقل من الموجود الكامل المتصور في الذهن إلى موجود كامل في الحقيقة. والجواب أن هذا القول كان يصح لو أن نظام العالم ترتيب أشياء جاهزة واستخدام علاقات خارجية على ما يصنع صانع الساعة، أو أي آلة من آلاتنا؛ حينئذ كان يمكن أن يقال: إن هذا البرهان يؤدي إلى مهندس متناهي الذات ليس غير؛ ولكن نظام العالم ناتج من تجهيز الأشياء أنفسها بإيجادها على نحو معين منسجمة الأجزاء ثابتة التركيب باقية الخصائص؛ فهو صنع صانع الأشياء، مادة وصورة. ثم إن هذا الصانع إما أن يكون وجوده بذاته، فلا يعود للاعتراض وجه؛ إذ يكون هو الإله اللامتناهي الذي نفحص عن وجوده؛ وإما ألا يكون بذاته، فيصبح هو موضوع سؤال ومطلوب برهان، حتى نصل إلى العلة الأولى اللامتناهية. وأخيرا فلا جدوى من هذا الاعتراض؛ لأننا نصل على كل حال إلى علة أرفع منا، وإذا سلمنا بها، أي بمهندس للكون، فما الذي يمنع من التسليم بإله خالق غير متناه؟
نامعلوم صفحہ