وإن كان قد جرى فيما جلبْناه حكايات يسيرة، فيما نُسِب إلى بعضِهم من مذهب نُيِزَ به، أو خُلُقٍ عيب عليه.
قال محمد: فألَّفتُ هذا الكتاب على الوجه الذي أمرني به أمير المؤمنين أعزه الله، وأقمته على الشكل الذي حده، وأمدني -أبقاه الله- في ذلك بعنايته وعلمه، وأوسعني من روايته وحفظه، إذ هو البحر الذي لا تُعبَر أواذيه، ولا تُدرَك سواحله، ولا يُنزَح غَمْره، ولا تنضِب مادَّته.
ونسأل الله بألطف الوسائل الزاكية لديه أن يُوزِعنا -معشر أهل العلم والنظر خاصة، وجماعة المسلمين عامة- شكر ما أنعم به علينا، وأعظم فيه المنَّة لدينا، من بركة أيامه، وسعد خلافته، ويمن دولته التي هي نظام الدنيا والدين، وعصمة الإسلام والمسلمين، وحياة العلم وشرف أهله، وزينة الأدب ونفاق سوقه، وأن يطيل فيها عمره، ويزيد نصره؛ ويظهر فَلْجَه، ويزيده من أفضل عوائده عنده؛ إنه سميع قريب.
وصلى الله على محمد خاتم النبيين خاصة، وعلى جماعة النبيين والمرسلين عامة.
* * *
قال محمد: نبدأ بذكر النحويين على طبقاتهم، واللغويين بعدهم، ونُقدِّم البصريين من كلتا الطبقتين؛ لتقدمهم في علم العربية، وسبقهم إلى التاليف فيها.
1 / 18