فنحن نذكر لننتفع لا لنتحرق، نذكر أن العدو ما كان سيفه عند أعناقكم وأعناقنا، لو لم ينهزم أكثرنا يوم جبن البعض عن بطولة الفعال، وخرس آخرون عن بطولة المقال، وها هي الحياة، وما بخلت عليكم، تسخو من جديد؛ إذ تفسح أمامنا مرة ثانية - وقد تكون الأخيرة - فرصة البطولات.
لقد تركت يا ولي العهد الدولة، دولة تشيعك فيها أقواس النصر، ونزلت دولة تستقبلك فيها أقواس النصر، على من انتصرنا؟ على ماذا انتصرنا؟ سل جلالة أبيك كيف يكون النصر ينبئك أنه إيمان تسلح، وأن أعداءكم وأعداءنا، يا طويل العمر، آمنوا وتسلحوا؛ فكثرت مصفحاتهم وقلت سياراتهم، لقد انتصروا حين آمنوا بذلك النوع من العطاء، الذي لا يشجع الاستعطاء؛ فألبوا الجند لا المتسولين، واصغوا إلى الصادقين لا المتملقين، وفهموا السيادة قوة حق فاعلة قادرة، لا أغنية تبدأ بطرب وتنتهي بنواح.
نرحب بك، يا سمو الأمير، لا كضيف جاءنا في زيارة ملوكية، بل كمواطن كبير الشأن في دنيا عربية، فجرت ينابيع قوة عالمية، وطاقة بشرية، تسنم عرشها أبوك حين آمن، وتسلح فانتصر - دنيا ما غلبت يوما على أمرها، كما غلبت يوم كفرنا نحن بالحق فلم نعد له، وآمن اليهود بالباطل فتسلحوا له.
هي أيام قليلة ستقضيها في بيروت ودمشق، يا سعود. نحن نخاف التاريخ - ذلك الشيخ القاسي، الذي لا يستعرض الحقائق إلا عارية؛ ليكن لك في كل لحظة عمل. كل ما تفعله في سبيل لبنان هو في سبيل السعودية، وغدا ستستعرض في الشام قوى مسلحة، هي تصون الرياض، حين تدافع عن دمشق؛ فإن الذين استباحوا القدس الشريف يشوقهم أن يستبيحوا مكة المكرمة.
إن العلم والحق والحقيقة خطباؤنا وشعراؤنا، حين نصارحك أن ما تبذله لمصلحة أمتنا هو في مصلحة أمتك؛ فأخطاركم أخطارنا، وقد يكون في مكاننا من الخارطة ما يجعلنا أفعل في تلقي الضربة، وإرسالها، عن العالم العربي، ومن العالم العربي.
معذرة يا ضيفنا الكبير، فالتاريخ يحمل ساعة لا يسمع دقاتها المسرعة، إلا من أرهف التاريخ سمعه.
السيد فهد المارك
مندوب مقاطعة إسرائيل في السفارة السعودية، بيروت
سيدي
لسبب يتضح بعد سطور ستدرك، يا سيدي، لماذا أبطأت بالجواب على رسالتك تاريخ 6 أيار.
نامعلوم صفحہ