تأثر الثقافة العربية بالثقافة اليونانية
تأثر الثقافة العربية بالثقافة اليونانية
اصناف
عاشرا: جنس أن ينفعل:
مثل قولك انقطع وانكسر وانبعث وانبجس، وهو جنس يدل على أثر الفاعل في المنفعل.
لقد جمع المنطق في هذه الأجناس كل موجود من الجواهر والأعراض وما كان وما يكون، وليس في مقدور أحد أن يتوهم شيئا خارجا عن هذه الأجناس وما ينطوي تحتها من الأنواع والأشخاص.
غير أن حصر هذه الأجناس إنما هو قانون للعقل، فإذا شرع العقل ينظر في حقائق الأشياء أو في ظواهرها، احتاج في تطبيق هذا القانون إلى دستور، وهذا الدستور قد فصل في التسعة الأبواب التي سبق أن ذكرنا، ومن هنا ترى أن بين قانون المنطق ودستور التطبيق تضايفا لا ينفصم وعلاقة لا تتصدع، وإلى هنا كان الوضع العلمي صحيحا لا غبار عليه، لا من ناحية القانون المنطقي ولا من ناحية الدستور الذي يطبق به ذلك القانون، فمن أين إذن جاء ذلك التخالط الذي نلحظه في الموضوعات التي تضمنها العلم الواحد عند العرب؟ كما تضمن الفلك علم التنجيم، والكيمياء علم تحويل العناصر، والطب علم التأثر بالبروج إلى غير ذلك، كيف اختلط المعلوم بالمجهول، وكيف امتزجت أشياء الغيب بأشياء الشهادة؟ هذا ما نحتاج للكلام فيه إلى موازنة بين القانون المنطقي الذي هو المقولات ودستور البحث الذي هو تلك التسعة الأبواب، ثم إلى استقراء ما يمكن أن يستقرأ من مجموع ذلك.
وقد يطول الكلام في الموازنة بين القانون المنطقي ودستور البحث العلمي، وقد يكون الكلام في هذه الموازنة ذا قيمة علمية كبيرة، غير أن المقام ليس مقام الكلام في هذا الموضوع، وإنما نكتفي بأن نقول: إن دستور البحث العلمي عند العرب قد قام على مقولات أرسطوطاليس.
الفصل الرابع
علم الأحياء
لعلم الأحياء عند اليونان تاريخ طويل حتى لقد اضطر المؤرخون إلى الفصل بين تاريخ علم الأحياء قبل أرسطوطاليس، وعلم الأحياء بعده، وإذا حققنا النظر فيما عرف العرب من هذا العلم، رأينا أنهم قد اتصلوا بما عرف اليونان من بدايات هذا العلم في العهدين، مما يدل دلالة صادقة على أنهم اشتغلوا به اشتغال العلماء، لا اشتغال النقلة والمترجمين.
ولقد ذاع عند العرب مذهب اتصال العوالم على النحو الذي ذاع به عند اليونان فقالوا: إن آخر مرتبة الجواهر المعدنية متصلة بأول مرتبة الجواهر النباتية، وإن أول مرتبة النبات متصلة بآخر مرتبة الجواهر المعدنية، وإن آخرها متصل بأول مرتبة الحيوان، وإن آخر مرتبة الحيوان متصل بأول مرتبة الإنسان.
وكان لهذا المذهب أثر كبير في تطور الفكر واتجاهه نحو فكرة النشوء، ودليلنا على هذا قولهم: إن الحيوانات كلها متقدمة الوجود على الإنسان بالزمان، فكان من ذلك بداية حسنة للتفكير في تتابع نشوء الأحياء على مدى العصور الأرضية.
نامعلوم صفحہ