[تأملات في الدين والحياة]
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة لم أكن أتخيل فى طفولتى ولا يفاعتى أننى سأكون يومآ ما داعية إلى الدين. وما حسبت ولا حسب القريبون منى أننى أصلح للعمل فى هذا الميدان الذى تواضع الناس على ترشيح أقوام معينين له، يمتازون بطراز خاص من الخلق والسلوك، ويضفى المجتمع عليهم تقاليد دقيقة تتحكم فى بيئاتهم وهيئاتهم... وسائر مناحى حياتهم. إننى لا أطيق التزمت، ولو تكلفته ما أحسنته! وأحب أن أسترسل مع سجيتى فى أخذ الأ مور وتركها، وقلما أكترث للتقاليد الموضوعة... والمفروض أن اللازمة الأولى فى رجال الدين- كما يسمون- أنهم أهل توقر وسكون. وأنا أجنح إلى المرح عن رغبة عميقة، وأتلمس الجوانب الضاحكة فى كل شىء، وأود لو استطعت أن أعيش هاشآ باشآ... والمفروض أن الناس يتوقعون من أمثالنا تواصل الأحزان، وإطراق الكآبة، وحتى يكون تذكيره بالآخرة، وإنذاره العصاة بالنار، متفقآ مع مخايل الجد والعبوس التى لا تفارق وجهه أبدآ!! ثم إنى شعبى فى تصرفى، لو كنت ملكآ لأبيت إلا الانتظام فى سلك الأخوة المطلقة مع الجماهير الدنيا، أخدمهم ويخدموننى على سواء! وقد فكر أحد الفراشين أن يزوجنى ابنته، يحسبنى غير متزوج! وضحكت مسرورآ، لأن الرجل لم يلمح فى نفسى أثارة من كبرياء تصده عنى أو تصدنى عنه، برغم ما يفرضه الناس بيننا من تفاوت شاسع فى الطبقات!! ولماذا أمضى فى شرح نفسى؟ وماذا يعنى القراء من ذلك؟ الذى يهم أن مؤهلات "رجل الدين " الذى يمشى رويدا ، وينحصر فى حدود حكمة من المراسم، ويشرف من قمته على الناس، ويرسل يده لتقبلها العامة.. إلى آخر كل ذلك كان وما زال بعيدا عنى. وقد تكون الأيام غيرت منى، والتجارب القاسية علمتنى ، فجعلتنى وأنا الضحوك المبتهج- أغوص فى بحار من الأكدار، أو أتحرى موضع قدمى وأنا أسير بين الناس،
صفحہ 1