هي النتيجة الانفعالية التي يخبرها الفرد. ورغم أن معظم الناس يظن أن الحدث هو الذي يؤدي إلى انفعالهم، فإن إليس يجبهنا بغير ذلك؛ فالحقيقة أن تأويل الفرد للحدث، أي اعتقاده عن الحدث، هو ما يؤدي إلى استجابته الانفعالية؛ فالاعتقادات العقلانية تفضي إلى استجابات انفعالية عقلانية، والاعتقادات غير العقلانية تفضي إلى عكس ذلك. الاعتقادات غير العقلانية، إذن، هي العنصر الممرض في هذه المنظومة. والتقنيات العلاجية هي تقنيات مصممة لكي نفند بها هذه الاعتقادات ونستبدل بها اعتقادات جديدة أكثر عقلانية تؤدي في النهاية إلى استجابات انفعالية جديدة.
أما آرون بك، مؤسس العلاج المعرفي، فيقول في كتابه «العلاج المعرفي والاضطرابات الانفعالية» بصريح العبارة: «هذا المنهج الجديد يقوم في الحقيقة على دعائم فلسفية ليست جديدة، بل هي موغلة في القدم، وتعود إلى زمن الرواقيين. لقد اعتبر الفلاسفة الرواقيون أن فكرة الإنسان عن الأحداث، وليست الأحداث ذاتها، هي المسئولة عن اختلاله الانفعالي. إلى هذا المنطق الرواقي يستند هذا العلاج الجديد؛ العلاج المعرفي؛ فالمشكلات النفسية ترجع بالدرجة الأساس إلى أن الفرد يقوم بتحريف الواقع ولي الحقائق بناء على مقدمات مغلوطة وافتراضات خاطئة. وتنشأ هذه الأوهام عن تعلم خاطئ حدث له أثناء مراحل نموه المعرفي. وبصرف النظر عن منشأ الأوهام، فإن صيغة العلاج تفصح عن نفسها ببساطة؛ فعلى المعالج أن يساعد المريض على كشف مغالطاته الفكرية وتعلم طرائق بديلة أكثر واقعية لصياغة خبراته.»
6 «ولكن ماذا عن تلك الانفعالات التي تقع للإنسان فجأة في غياب أي حدث خارجي يفسرها؟ في تأويل ذلك نقول إنه بالإمكان دائما أن نتحقق من وجود «حدث معرفي»
congnitive event ، وهو فكرة أو ذكرى أو صورة، مندمج في المجرى الطليق للوعي، ومسبب لهذه الاستجابة الانفعالية. وقد يكون هذا الاتجاه المعرفي السائد هو علة استمرار الانفعالات غير السارة في الاضطرابات الانفعالية كالاكتئاب والقلق. كثير من السلوكيين لا يوافقوننا على أن الفكر يلعب دورا محوريا في تشكيل الانفعال. ويحاول بعضهم أن يثبت أن المنبهات الخارجية تولد الاستجابة الانفعالية بصورة مباشرة وأن الشخص يقحم تقييمه المعرفي للحديث بعد ذلك باستعادته وتأمله؛ أي «بأثر رجعي»، ولكننا نستطيع أن نؤكد أن الشخص الذي تدرب على أن يرصد أفكاره ويمسك بها بمقدوره أن يلاحظ مرارا وتكرارا أن تفسيره للموقف يسبق استجابته الانفعالية؛ فهو إذ يرى سيارة منطلقة نحوه على سبيل المثال، فإنه يفكر أولا: «إنها ستصدمني» ثم يشعر بالقلق، بل إنه قد يغير تقييمه للموقف فتتغير استجابته الانفعالية. إن من الصعب في الحقيقة أن نتصور كيف يكن لشخص أن يستجيب لحدث ما قبل أن يقيم طبيعة الحدث. وعلى النقيض من المنبهات المعملية البسيطة مثل رنين الجرس أو صدمات الكهرباء، الشائعة في التجارب السلوكية، فإن مفرداتنا البيئية الدالة تتسم عامة بالتركب والتعقيد بحيث تتطلب منا «ملكة الحكم»
judgement
لكي نقرر ما إذا كان موقف ما مأمونا غير ذي خطر، وما إذا كان شخص ما صديقا أو عدوا. تتجلى أهمية الكشف عن الوجه المعرفي للشخص بشكل خاص حين نكون بصدد استجابات انفعالية نقيضية؛ فحين نقف على المحتوى المعرفي ندرك على الفور أن ما يبدو مفرطا غير واقعي من الغضب أو القلق أو الحزن الذي يبديه الشخص يستند في الحقيقة إلى تقديراته الشاذة للحدث. وفي أمراض الانفعال تسود وتطغى هذه التقديرات الشاذة.»
7
هذه الدعوى القائلة بأن المعنى الخاص للحدث هو الذي يحدد الاستجابة الانفعالية له، تشكل جوهر النموذج المعرفي للانفعال واضطراباته. يذخر هذا المعنى في مفردة معرفية
a cognition
هي عادة فكرة أو صورة خيالية. وفي بعض الأحيان تتألف المفردة المعرفية من دلالة إضافية
نامعلوم صفحہ