تأمل یوماً بعد یوم: ٢٥ درساً للعیش بوعی کامل
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
اصناف
وأخيرا، لدينا هذا المكان الأكثر رحابة للممارسة، إنه الحياة نفسها. الحياة التي تعاش بوعي كامل. لقد قمنا بذكرها في كل أجزاء هذا الكتاب؛ هي، وبكل بساطة، أن نعبر أكبر عدد ممكن من لحظاتنا وعيون وعينا مفتوحة على مصراعيها. إنها أن نتوقف بشكل متكرر لثوان، أو لدقائق، أو أكثر لنشعر - بكثافة ودون أي كلمة - كل ما يحدث داخلنا وحولنا؛ وكأننا في حالة مضغ وهضم هادئ لوجودنا (بدلا من التهام وابتلاع كل لحظات حياتنا دون وعي). ويكون ذلك في اللحظات التي تبدو «عادية» أو تلك المهمة؛ العادية مثل الأكل، المشي، الشرب، العمل، الكلام، الانتظار، عدم القيام بأي شيء؛ والمهمة مثل المناسبات (لأن الوعي الكامل سيساعدنا على إعطاء المناسبة حقها، بدلا من الخضوع للمشتتات الخارجية، أو ثرثرة روحنا الداخلية؛ أعياد الميلاد، حفلات الزواج، المآتم ... إلخ)، واللحظات التي نواجه فيها الطبيعة، أو الجمال ...
ملاذ ونقطة مراقبة
إذا مارسنا هذه التمارين بشكل متكرر، فسيصبح الوعي الكامل عندها ملاذا داخليا مهما في حالة المعاناة. أولا سيصبح كملجأ؛ ملجأ اللحظة الحاضرة في وجه كل أنواع الشدة، ثم كوسيلة لثبات انتباهنا لنستطيع من جديد القدرة على الاستقبال والمراقبة ومن ثم أخذ القرار بما يخص سلوكنا.
ولكن يمكنه أن يكون أيضا نقطة مراقبة؛ عندما لا نفهم بشكل واضح ما يحدث، وعندما لا تكفي رغبتنا، أو عندما لا نستطيع أن نتحكم باضطرابات وفوضى دواخلنا. المرور حينها عبر الوعي الكامل سيساعدنا. سيساعدنا على ألا نعيش كيفما اتفق، وألا «نبتعد» عما يعنينا.
ينطبق الشيء نفسه على حسن الحال؛ يساعدنا الوعي الكامل على السمو بحسن الحال نحو السعادة. لقد ذكرنا ذلك. إنه يساعدنا على تكثيف رؤيتنا في اللحظات السعيدة، وزرعها أعمق في دواخلنا، وإدخال فرحنا في جسدنا، وإعطاء هذه السعادة حقها فقط، بأن نراها كما هي غير دائمة، دون أن يكون ذلك بحثا عن الحزن أو الانفصال عن هذه اللحظات، ولكن لنحبها ونقدرها أكثر، وندرك جمالها. يساعدنا الوعي الكامل على فهم أن السعادة تشبه الزهور، يجب استنشاقها ثم تركها. هي لا تشبه القطع الذهبية، نتمسك بها ونجمعها. إنها زهور رائعة وهشة وسريعة الزوال مثل حياتنا. إنه يساعدنا على العيش، بكل بساطة، وأن نعي في كل تمرين أننا أحياء وأن ذلك شديد الروعة. «الدرس الحادي والعشرون»
ينصحنا ممارسو التأمل الخبراء أن نبدأ يومنا وننهيه بالبقاء بضع لحظات بحالة وعي كامل؛ عندما نفتح أعيننا في الصباح، وفي المساء عندما نتهيأ لإغماضهما، علينا أن نعي لحظتنا الحاضرة (جسدنا، وتنفسنا، وثرثرة أفكارنا، وحركية عواطفنا ...) وعلينا أن نقوم أثناء يومنا بإدخال لحظات متكررة من الوعي الكامل (عندما نكون في قاعة انتظار، أو بين نشاطين). وأخيرا، وإذا أردنا الذهاب أبعد، يجب أن نقوم بتمرين منهجي طويل مرة كل أسبوع، على مدى نصف ساعة أو ساعة كاملة، وسيكون ذلك أكثر سهولة إذا قمنا به ضمن مجموعة وبحضور معلم خبير.
الفصل الثاني والعشرون
أن نتأمل
وصل المسافر إلى أعلى الجبل، بعد أن قضى يوما كاملا بالصعود.
لقد انطلق في الصباح الباكر، قبل بزوغ الشمس بوقت كبير. وخلال طريقه الطويل للوصول كان يتقدم وروحه خفيفة؛ منصتا لصوت حذائه، لنبضات قلبه، ولتنفسه، لانتظام وقع خطواته، ولضربات المعدن في نهاية عصاه على الصخور. كل ذلك يملأ روحه بأصوات مهدئة. أحيانا تأتي أفكار لتحدثه عن الصعوبات التي تنتظره، لكنه يفتح وعيه على اتساعه للحظة الحاضرة؛ مسيره، الأصوات حوله، الأضواء الأولى للفجر. تختفي حينها الأفكار، ثم تعود، ثم تختفي من جديد. إنها ليست أكثر ثباتا من ريشة في الريح، أو هذا الضباب على رءوس الجبال.
نامعلوم صفحہ