63

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

ناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

ایڈیشن نمبر

الطبعة الثانية

اشاعت کا سال

1419 ہجری

آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَاسْتَعْظَمَ أَنْ يَقُولَ فِيهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْكَلَالَةِ بِرَأْيِهِ. فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ مُتَشَابَهِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، الَّذِي لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ، فَأَحْجَمَ عَنِ الْقَوْلِ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يُفَسِّرَهُ بِغَيْرِ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَفْتَى فِي الْكَلَالَةِ بِرَأْيِهِ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ نَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَاجُوا إِلَيْهِ فِي مَوَارِيثِهِمْ، وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ اجْتِهَادُ الرَّأْيِ فِيمَا لَمْ يُؤْثَرْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَمْ يَأْتِ لَهُ فِي الْكِتَابِ شَيْءٌ كَاشِفٌ، وَهُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَمَفْزَعُهُمْ فِيمَا يَنُوبُهُمْ، فَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَقُولَ. وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدٌ ﵃، حِينَ سُئِلُوا، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ وَالْمَفْزَعُ إِلَيْهِمْ عِنْدَ النَّوَازِلِ. فَمَاذَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا عِنْدَهُ، أيَدعون النَّظَرَ فِي الْكَلَالَةِ وَفِي الْجَدِّ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ هُوَ وَأَشْبَاهُهُ، فَيَتَكَلَّمُوا فِيهِمَا. تفنيد مطاعته بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ثُمَّ طَعْنُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ، وَأَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ، ثُمَّ نَسَبَهُ فِيهِ إِلَى الْكَذِبِ. وَهَذَا لَيْسَ بِإِكْذَابٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَكِنَّهُ بخسٌ لِعَلَمِ النُّبُوَّةِ وَإِكْذَابٌ لِلْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ ١. فَإِنْ كَانَ الْقَمَرُ لَمْ يَنْشَقَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَانَ مُرَادُهُ: سَيَنْشَقُّ الْقَمَرُ فِيمَا بَعْدُ، فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ ٢ بعقب هَذَا الْكَلَام؟

١ الْآيَة: ١ من سُورَة الْقَمَر. ٢ الْآيَة: ٢ من سُورَة الْقَمَر.

1 / 75