172

Tareekh Ibn Khaldun

تاريخ ابن خلدون

ایڈیٹر

خليل شحادة

ناشر

دار الفكر

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1401 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

تاریخ
الفصل السابع عشر في ان الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك
وذلك لأنّا قدّمنا أنّ العصبيّة بها تكون الحماية والمدافعة والمطالبة وكلّ أمر يجتمع عليه وقدّمنا أنّ الآدميّين بالطّبيعة الإنسانيّة يحتاجون في كلّ اجتماع إلى وازع وحاكم يزع بعضهم عن بعض فلا بدّ أن يكون متغلبا عليهم بتلك العصبيّة وإلّا لم تتمّ قدرته على ذلك وهذا التّغلب هو الملك وهو أمر زائد على الرّئاسة لأن الرّئاسة إنّما هي سؤدد وصاحبها متبوع وليس له عليهم قهر في أحكامه وأمّا الملك فهو التّغلّب والحكم بالقهر وصاحب العصبيّة إذا بلغ إلى رتبة طلب ما فوقها فإذا بلغ رتبة السّؤدد والاتّباع ووجد السّبيل إلى التّغلّب والقهر لا يتركه لأنّه مطلوب للنّفس ولا يتمّ اقتدارها عليه إلّا بالعصبيّة الّتي يكون بها متبوعا فالتّغلّب الملكيّ غاية للعصبيّة كما رأيت ثمّ إنّ القبيل الواحد وإن كانت فيه بيوتات مفترقة وعصبيّات متعدّدة فلا بدّ من عصبيّة تكون أقوى من جميعها تغلبها وتستتبعها وتلتحم جميع العصبيّات فيها وتصير كأنّها عصبيّة واحدة كبرى وإلّا وقع الافتراق المفضي إلى الاختلاف والتّنازع «وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ ٢: ٢٥١» [١] ثمّ إذا حصل التّغلّب بتلك العصبيّة على قومها طلبت بطبعها التّغلّب على أهل عصبيّة أخرى بعيدة عنها فإن كافأتها أو مانعتها كانوا أقتالا وأنظارا ولكلّ واحدة منهما التّغلّب على حوزتها وقومها شأن القبائل والأمم المفترقة في العالم وإن غلبتها واستتبعتها التحمت بها أيضا وزادت قوّة في التّغلّب

[١] سورة البقرة الآية ٢٥١.

1 / 174