113

Surah Al-Qasas: An Analytical Study

سورة القصص دراسة تحليلية

اصناف

ونجد أن قوله تعالى: ﴿جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ «١» فيه تصوير بلاغي تام، فيخيل للقارىء أنه يرى في ذهنه أمام ناظريه مجيء رجل من أطراف تلك المدينة راكضًا ليبلغ موسى (﵇) نبأ المؤامرة.
وليس في أي أسلوب من أساليب العربية ما يمكن أن يماثل قوله تعالى:
﴿جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾، فلو قال القائل: (أتى إنسان من أطراف المدينة راكضًا) . أو (وصل رجل من أقصى المدينة مبلغًا) . وعشرات الصيغ الاخرى المقترحة لم يكن لقوله: (أي القائل) بكل صيغة روعة إعجاز قوله تعالى: ﴿جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ بما تضمنه من صورة بلاغية.
أما قوله: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ «٢»، فهي من الآيات التصويرية التي تصور لنا امرأة كلها حياء وعفة وحشمة وتواضع، وكل ذلك استدللنا عليه بقوله تعالى: ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ لأن استعارة الفعل المضارع الحقيقي تمشي، ونقل (على) من الأرض المحذوفة إلى (استحياء) بالتنكير المشعر بفخامة القصد المراد، يرينا صورة بلاغية أعجزت الأولين والآخرين، لذلك قال في هذه الآية بعض الباحثين: " إن المتتبع لقوله تعالى: ﴿تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ لا يجد لها نظيرًا في كافة التعبيرات الإنشائية البلاغية، وما ذلك إلا لأن إستعارة الشيء الحقيقي لمجازية الاستحياء مشعرة بالتصوير البياني الخاص بالصورة الفنية بكل أوجهها من حقائق السير إلى مجازات الحياء بأنواعه، فالآية بذلك قمة من قمم الإعجاز التصويري القرآني " «٣» .

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٠.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٢٥.
(٣) الإعجاز التمثيلي في آيات الوصف. دراسة تحليلية. د. حسن رفاعي. الطبعة الأولى. دار المعارف بمصر. ٤٩٩٤ م: ص٤٢٤.

1 / 113