سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
سقراط: الرجل الذي جرؤ على السؤال
اصناف
وأجاب نسياس جوابا معقولا وقال: «ألم نكن الآن نتباحث في أمر القتال بالدروع، وإذا كان من واجب شبابنا أن يتعلمه أو لا يتعلمه؟»
فقال سقراط: «أجل يا نسياس، ولكن أليس هناك أمر آخر ينبغي أن نقرره أولا؟ فإذا سأل المرء مثلا عن وضع دواء في عينيه، فما الذي يهمه في الواقع: الدواء أو العينان؟»
قال نسياس: «العينان طبعا.» - «وعندما يفكر هل يلجم الجواد أو لا يلجمه، فإن الجواد بالتأكيد هو الذي يفكر فيه وليس اللجام، أليس كذلك؟»
فأجاب نسياس: «حقا ما تقول.» - «ألست ترى إذن يا نسياس أن تعلم القتال بالدروع يشبه الدواء كما يشبه اللجام، ليس سوى وسيلة لغاية، إن ما نفكر فيه حقا عندما نتحدث عن ألوان مختلفة من المعرفة هو الشباب، فإن هذا التدريب سوف يتناول نفوس الشباب أو أرواحهم، إن الطبيب يعرف ما ينفع العين، ومدرب الجياد يعرف ما ينفع الخيل، ولكن من منا يعرف ما ينفع الروح؟ ذلك هو السؤال الحق.»
وضحك نسياس وقال إنه كان يتوقع ذلك من أول الأمر، لقد تحدث مع سقراط من قبل، وكان شديد الرغبة في أن يتعرض للامتحان الذي أدرك اقترابه منه. «ولكن ماذا ترى في ذلك يا لاخيس؟ إني أحذرك!»
وقال لاخيس: إنه ليس بالعادة رجل كلام، اللهم إلا إن عرف أن الرجل الذي يتحدث إليه فعال كما هو قوال، ثم قال: «ولكني كنت مع سقراط ونحن نتقهقر بعدما خسرنا معركة دليم، ولو أن كل امرئ سلك مسلك سقراط لكسبنا المعركة، وإني على استعداد لأن أتلقى الأسئلة في أي يوم من الأيام من رجل كهذا.»
ولذا تلقى لاخيس السؤال الأول، قال له سقراط: «إن الخير كله أوسع من أن نتناوله بالبحث، ولكنا نستطيع أن نتناول منه الجانب الذي يهم في التدريب العسكري، ما هي الشجاعة «عموما» يا لاخيس؟»
وسر لاخيس إذ كان بالشجاعة عليما. - ذلك أمر هين يا سقراط، الرجل الشجاع يلزم مكانه ولا يهرب.
فأجاب سقراط: «حسنا، هذا تعريف جيد للشجاعة كما يراها أحد الجنود المشاة، ولكن ما الرأي في الفرسان الذين يتحركون دائما؟ وأعتقد أن من المناورات المحببة لأهل سيثيا أن يفروا أثناء الصيد إلى الوراء، وماذا ترى في الشجاعة في العواصف البحرية وفي المرض والفقر أو في الحياة السياسية؟ وبعض الناس شجعان عند مواجهة الألم، ولكنهم خائرون حينما تغريهم ملذات الحياة، ما هي الشجاعة «عموما» يا لاخيس؟»
وحاول لاخيس مرة أخرى. - يبدو لي أن الشجاعة ضرب من ضروب احتمال الروح.
نامعلوم صفحہ