تمهيد:
عرفنا البيئة التي ظهر فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والفترة التي قضاها في دعوته الطاهرة وقد كانت مرحلة تعليمية تطبيقية، وأساسا متينا لبنيان الحضارة الإسلامية الشامخ، الذي غير وجه التاريخ، وأمده بذخيرة حضارية في مختلف نواحي الحياة.
فإذا ما نظرنا إلى تلك الحقبة التي لا تتجاوز ربع قرن من عمر الزمن، منذ بدء دعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى وفاته، ألفينا أنفسنا أمام مدرسة كبيرة جدا تمر في مرحلة تربوية جديدة، يشرف على توجيهها وتربية طلابها وتعلمهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، و «موادها» القرآن والسنة، وطلابها الصحابة - رضوان الله عليهم -.
وإذا حاولنا أن نحكم على هذه التجربة التربوية، حكما علميا صحيحا كان لا بد لنا من أن نستعمل طرق القياس والدراسة التربوية، لنتمكن من معرفة مدى نجاح تلك المدرسة الكبرى، ومقدار الإفادة من تلك المادة العلمية التي كانت موضوع الدرس والبحث والتطبيق، ولا يتحقق لنا هذا إلا بدراسة شخصية المعلم المربي، وتفاعله مع مادته ورسالته، وعلاقته بطلابه وتفاعلهم معه، ومدى تجاوب هؤلاء الطلاب مع مربيهم ومع مادته، لنعرف من خلال هذا الفائدة العلمية التربوية التي جنوها، ونطمئن إلى مصير العلم الذي تلقوه وشاركوا في تطبيقه.
لهذا كله كان لزاما علينا أن نتعرف على شخصية الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام -، مربيا ومعلما، ونطلع على منهجه وأسلوبه، وعلى المادة
صفحہ 31