قولِه: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾؟ قال (^١): أهواءَهم (^٢) إلى مكةَ.
_________
(^١) كذا في الأصل، وكذا في رواية ابن الجعد، إلا أنه قال: "عن عطاء وطاوس وعكرمة ... قال". والجادة: "قالوا" أي: طاوس وعطاء وعكرمة. ويخرَّج قوله "قال" على أوجه:
أحدها: أنه أراد: قال كلُّ واحدٍ منهم، أو: قال جميعهم، ويكون الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على المفهوم من السياق؛ ونحوه: ﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥] أي: الأرض، و﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ [ص: ٣٢]، أي: الشمسُ؛ ولم يتقدم ذكرهما. وانظر في ذلك: "ارتشاف الضرب" لأبي حيان (٢/ ٩٤١ - ٩٤٣)، و"همع الهوامع" للسيوطي (١/ ٢٦٣).
والثاني: أن يعود ضمير الفاعل على أحدِ الثلاثة؛ ويكون ذَكَر فعل القول الخاص بأحدهم فقط اكتفاءً بالشيء عن نظيره أو نظائره؛ كقول الشنفرى [من الطويل]:
وأَصْبَحَ عَنِّي بالغُمَيْصاءِ جالِسًا ... فَرِيقانِ مَسْؤُولٌ وآخَرُ يَسْألُ
فلم يُثَنِّ خبر "أصبح" - وهو "جالسًا" - مع أن اسمها "فريقان" مثنى.
ويدخل هذا أيضًا في التوسُّع في الدلالة والخروج عن الأصل؛ فيدل المفرد على المثنى أو الجمع، والمثنى على المفرد أو الجمع، والجمع على المفرد أو المثنى.
وانظر: "إعراب لامية الشنفرى" (ص ١٢٩)، و"همع الهوامع" (١/ ١٩٤).
والثالث: أن يكون أصل: "قال" هنا: "قالُوا" أي: الثلاثة. فحذف الواو وأبقى الضمة دليلًا عليها؛ ويضبط الفعل حينئذ "قَالُ"، ويُعدّ هذا من الاجتزاء بالحركات عن حروف المد، وهو لغة لبعض العرب، ولها شواهد كثيرة؛ انظرها في: "الخصائص" لابن جني (٣/ ١٣٣ - ١٣٦)، و"سر صناعة الإعراب" له (٢/ ٦٣١ - ٦٣٢)، و"الإنصاف" لابن الأنباري (١/ ٣٨٥ - ٣٩١)، (٢/ ٥٤٤ - ٥٤٧).
(^٢) كذا في الأصل؛ ويكون المعنى: "اجعل أهواءهم". ولم نقف على نصٍّ بمخالفة الثلاثة (طاوس وعطاء وعكرمة) لقراءة الجمهور: ﴿تَهْوِي﴾، وقد فُسِّرت قراءة الجمهور أيضًا بالميل والحب والنزوع والشوق، وانظر الفائدة في التعليق على الأثر السابق.
6 / 16