ذلك هو الدستور الخماسي الذي نبغيه، وهو سيارتنا أو غواصتنا أو طائرتنا، نسير به حيث نريد؛ لأنه يسلك بنا حيث توضع القوانين أو حيث تنفذ أو حيث تدار الأعمال الحكومية أو حيث يختبر الموظفون وحيث يراقبون.
ويقوم الرئيس على رأس الإدارة، ويقوم البرلمان على رأس التشريع، ويقوم القضاة على منصة الأحكام.
وكم من أناس أولي كفاية لم يعرف لهم فضلهم؛ لأنهم لم يوضعوا قط موضع الاختبار، لقد حدث كثيرا أن أناسا من الجهلة أشباه الأميين ارتفعوا إلى مناصب الحكم فغرسوا في النفوس شرور النقمة والبغضاء، وليس أصلح لعلاج هذه الآفة من اختبار المرشحين لوظائف الدولة واختيارهم من ذوي الفضل والدراية، فبغير هؤلاء النخبة المختارين يمضي الركب بغير سائق، وبهذه الوسيلة نحصل على الكفاة المدربين على الخدمة العامة.
لقد جرى الإنجليز على هذه الخطة منذ زمن غير قصير، وجرى عليها الأمريكيون منذ عشرين أو ثلاثين سنة، وكلهم مسبوقون إليها في الصين، فإن النظام الصيني أصلح الأنظمة، وبلاد العالم تستعيره منا اليوم.
ولما كنت في نانكنج رجوت مجلس الشيوخ أن يقتبس نظام الهيئات الخماسية فلم يفطنوا لمقصدي؛ لأنه يقطع عليهم مدى نظراتهم الشخصية، لكن هذا الدستور الخماسي - ثمرة جهودي وتجاربي - أداة ضخمة، فمن كان عليه أن يقطع مئات الأميال في غير بطء ولا وناء فلا غنى له عن سيارة أو طيارة يحكم آلاتها، ومن كان عليه أن يسير بالأمة على نهج الفلاح فلا غنى له عن الآلة الحكومية التي تضبط حركاتها.
تلك هي الآلة التي تدار بها شئون البلاد، ولدينا عدا هذا الدستور الخماسي مبدأ جوهري لاشتراك المواطنين المباشر في الحكومة المحلية، فهذا الاشتراك المباشر هو الخلاصة الصادقة لحقوق الإنسان، قوامه الانتخاب والعزل والاقتراح والاستفتاء، فإذا شبهنا الدستور الخماسي بالأداة فالحق المباشر هو مفتاح هذه الأداة، ويحق لمن يملك الانتخاب أن يملك عزل من أساء، ومن علم بشريعة صالحة فمن حقه أن يقترحها وأن يرجع إليه لسؤاله عنها، وذلك هو نظام الاستفتاء. (12) قبس من صلاة على ضريح عميد الأسرة الصينية القديمة «منج» توجه به الزعيم إلى روح العاهل «الخالد» بعد نجاح الثورة (1912)
وهنت أسرة «سنج» قديما فاغتنم التتار ومغول أسرة «يوين» هذه الثغرة ليشيعوا الفوضى في هذه الديار، وباءوا بغضب الناس والأرباب.
عندئذ ثبت يا صاحب الجلالة، يا رافع دعامتنا، تصد ذلك الغول، وخرجت من خفائك تعيد ذلك التراث القديم.
وما هي إلا سنوات اثنتي عشرة حتى جمعت أشتات الدولة وطهرت الديار من لوثة التتار الصاخبين.
ولطالما حدث في تاريخ أمتنا النبيلة أن أغار عليها برابرة الشمال فاستعبدوها لأمرائهم الصغار، فلم ينتصر عليهم أحد قط كنصرتك المؤزرة يا صاحب الجلالة، ولكنه مجد لم تقو ذريتك على حفظه، وأمانة عهدوا بها إلى أناس أساءوا الرأي ونظروا إلى أمد قريب، فأطمعوا فيهم همج التتار من المشرق ومهدوا لهم أسباب القوة والجرأة، فما عتموا أن تمرد المتمردون هنا وثم حتى انقضوا على مدينتك المقدسة فأخذوها، ثم انحدروا من قمتهم الخسيسة إلى أرجاء هذه التربة الطاهرة فدنسوا أنهارها وأوديتها وأعملوا في الرقاب فأس الجلاد وسيف الفاتك المنتقم.
نامعلوم صفحہ