فربتت على يده برقة ورثاء، فقال: يجب أن تتكلمي.
فتنفست بعمق لتستعيد توازنها، ثم قالت: علينا أن نواجه الحياة بكل ما فيها.
وأصغى إلى عذوبة النغمة بارتياح عميق، وود أن يغيبا عن الدنيا في مكان مجهول إلى الأبد؛ مكان لا سياسة فيه ولا وظائف ولا ثورات ولا ماضي له، وسألها بصوت مبتهج لأول مرة: هل تهبينني الثقة والتشجيع؟
فقالت وهي تجفف شفتيها بمنديلها: لك ما تريد وأكثر.
وجاءته رغبة جديدة في معانقتها، ولكن صوت علي بك سليمان تردد خارج الحجرة كأنما يعلن عن مقدمه.
9
أقبل البك نحوهما شبه مبتسم، ومكث معهما قليلا، ثم دعا عيسى إلى الاجتماع به في حجرة مكتبه، وبدا جو الحجرة في شبه ظلام، لبعدها عن الطريق، ولشدة اكفهرار الجو في الخارج، فأضاء مصابيحها، وجعل عيسى ينظر إليه بعناية، فقرأ في أعماق عينيه تجهما، فتساءل: ترى ألهذا علاقة به أم أنه العاقبة الحتمية للأحداث؟ وحانت منه التفاتة إلى فوق، فرأى صورة للبك في التشريفة القضائية قد حلت محل الصورة التقليدية للملك.
وتساءل علي بك سليمان: كيف الأحوال؟
فتظاهر عيسى بالاستخفاف وهو يقول: سأبدأ من جديد!
وقص عليه مأساته في كلمات من وجهة نظره، فتفكر الرجل قليلا، ثم قال: لن تجد الأمر سهلا. - أعلم ذلك، ولكني غير يائس.
نامعلوم صفحہ