============================================================
(1) الفطن والألباب ، ويسفر عن وجه الصواب .
قال الشيخ : زعموا أن ثعلبا كمان يدعى ظالما ، وكان له جحر يأوى إليه، الاوكان مغتبطا به لا يبتغى عنه حولا، فخرج يوما يبتفى ما يأكل، ثم رجع فوجد فيه حية فانتظر خروجها عنه فلم تخرج، وعلم أنها قد أوطنته، وذلك آن الحية لا تتخذ جحرا أو تدخل الجحر فتفتصبةا، وتطرد عنها ما كان فيها من الحيوان، قال الراجز يصف رجلا بالظلم : وأنت كالأفتعى التى لا تتفد ثم تخبى شاردة فتنحجر(2) ولذلك قالوا : فلان أظلم من حية ، فهذا ظلمها ، ولما رأى ظالم أن الحية قد اوطنت جحره، ولم يمكنه السكوت معها ذهب يطلب لنفسه ماوى، فاتتهى به الطواف إلى جعر حسن الظاهر، حصين الموضع، فى ارض خصبة ذات اشجار ملتفة وماء معين، فأعجبه وسأل عنه، فاخبر أن نلك الجحر لثعلب يدضى مفوضا، وأنه ورثه عن أبيه، فناداه ظالم، فخرج إليه ورحب به وأدخله الجر، وساله عن ما قصد له فقص عليه خبره وشكا إليه ما ناله، فرق له مفوض، ثم أقبل عليه فقال له : ان من الهمة ألا تقتصد عن مطالبة عدوك، وان تستفرغ جهدك فى ابتغاء دفعه وهلكه . وإنه كان يقال : من تهيب عدوه فقد جيش إلى نفسه جيشا . وكان يقال : رب حيلة أنفع من قبيلة . وكان يقال : الموت فى طلب الثار خير من الحياة فى العار . وكان يقال : إذا طلبت لقاء عوك بالقوة فلا تقدمن عليه حتى تعلم ضعفه عنى، واذا طالبته بالمكيدة فلا يعظمن أمره عندك وان كان عظيما.
ال والرأى عندى أن تتطلق معى الى مثواك الذى انتزع منك غصبا؛ حتى تطلع عليه فلعلى أن أهتدى إلى وجه مكيدة فى تمكينك منه ، فان أفضل الرأى ما أسس على الرؤية . ولهذا قيل : يفسد التتبير بثلاثة أسباب أحدها : أن يكثر الشركاء فيه ، فإذا كان كذلك انتشر التبير وبطل . والثانى : أن يكون الشركاء فى التدبير متحاسدين متتافسين فيدخله الهوى والبغى فيفسد . والثالث: أن يملاى التتبير من غاب عن الأمر العدبر دون من باشره وشاهده، فإذا كان كذلك دخله (1) يصقل.
(2) تتحجر : أى تتخذ ما يلاقيها من الحجور موطنا لها .
صفحہ 33