صادفنا أنفسنا عليه هل هر من جهة الزيادة أو النقصان ، ركما أن الطبيب أيضا متى صادف البدن أزيد حرارة أر انتقص رده إلى التوسط من الحرارة بحسب الوسط المحلود في صناعة الطب ، كذلك متى صادفنا أنفسنا على الزيادة أو النقصان في الأجلاق ، رددناها إلى الوسط المحلود في هذا الكتاب ، ولما كان الوقوف من أول وهلة على الوسط عسيرا جدا التمسنا الحيلة في إيقاف الإنسان خلقه عليه ، والتقرب منه جدا ، وذلك أن ننظر الخلق الحاصل لنا فإن كان من حيث الزيادة عودنا أنفسنا الأفعال الكائتة عن ضده الذى هو من جهة النقصان ، وإن كان من حيث النقصان عودناها الأفعال الكائنة عن ضده الذي هو من جهة الزيادة ، ونديم ذلك زمانا ثم نتأمل وننظر أي خلق حصل ، فإن الخلق الحاصل لا يخلو من ثلاثة أحوال ره :
( إما الوسط) (والمائل عنه ) ( والمائل إليه)
فإن كان الحاصل هو القرب من الوسط فقط من غير أن يكون قد جاوز الوسط إلى الضد الآخر ، ذمنا على تلك الأفعال زمانا آخر إلى أن ينتهي إلى الوسط ، وإن كان الوسط قد جاوز الوسط إلى الضد الآخر غدنا ففعلنا الخلق الأول ودمنا عليه زمانا ثم نتأمل
وبالجملة كلما وجدنا أنفسنا مالت إلى جانب عودناها الجسانب الآخر ، ولا نزال نفعل ذلك حتى نبلغ الوسط أو نقاربه جدا
ولما كان غرضنا في هذا الفصل من هذا الكتاب بيان السعادة الخلقية وأن تصدر عنا الأفعال جميلة كما قدمنا ، وجب أن نقول قرلا يتبين به ما الخلق ؟ وما سبب اختلافه في الناس ؟ وما المرضى منه المغبوط (1) صاحبه و المتحلق به ؟ وما المشين(1) الممقرت فاعله و المتوسم به ؟
ونفع هذا الكتاب يشمل ثلاث طبقات من الناس وهم :
{الطبقة الأولى) : تشمل من كانت له عيرب كثيرة وهو يظن أنه كامل.
{ووجه منفعته) : أته إذا تكرر عليه الأخلاق المذمومة تيقظ لها وأنف لنفسه منها ، فركما سلك الصواب .
صفحہ 45