وَيذكر الْعلمَاء عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه قَالَ الْعلم ثَلَاثَة أحرف الْعين من عليين وَاللَّام من اللطف وَالْمِيم من الْملك فَيبلغ بِصَاحِبِهِ أَعلَى الدَّرَجَات من العليين والزلفى بهَا إِلَى اللطف فِي الدَّاريْنِ وَالْملك فيهمَا
وَعَن بعض الْعلمَاء الْعلم نزهة الْقُلُوب وَالْأَدب تحفة الْأَلْبَاب وَأحسن مَا وعى الْمَرْء فِي عمره علم يلْبسهُ للزِّينَة فِي العاجل وينتج عَنهُ سَعَادَة الآجل
وانقضى ذكر مَا أسلفته من الْآثَار فِي فضل الْعلم وَأَهله
وَأُرِيد اتِّبَاع ذَلِك بِمثلِهِ فِي فضل الْمُلُوك وَهُوَ آثَار مِنْهَا قَوْله ﷺ السُّلْطَان ظلّ الله فِي أرضه يأوي إِلَيْهِ كل ملهوف
قَالَ الحريري فِي درة الغواص مَعْنَاهُ ظله السابغ على عباده المسبل على بِلَاده وَقَالَ بعض الْعلمَاء الدّين بِالْملكِ يقوى وَالْملك بِالدّينِ يبْقى وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ عُثْمَان بقوله أَن الله ليزع بالسلطان مَا لَا يَزع بِالْقُرْآنِ وَمن قبيل ذَلِك قَول ابْن الْمُبَارك الْجَمَاعَة حَبل الله فَاعْتَصمُوا مِنْهُ بعروته الوثقى ... الله يدْفع بالسلطان معضلة ... عَن ديننَا رَحْمَة مِنْهُ ودنيانا
لَوْلَا الشَّرِيعَة لم تأمن لنا سبل ... وَكَانَ أضعفنا نهبا لأقوانا ... ثمَّ قد ذكر الْعلمَاء لذَلِك أَعنِي فضل الْعلمَاء من الْمُلُوك آثارا يطول سردها ويسمج شرحها يعرفهَا الْعَارِف وَلَيْسَ غرضي بِوَضْع مَا وضعت من ذَلِك إِلَّا التَّنْبِيه والإذكار لِذَوي الْأَبْصَار ثمَّ تَعْرِيف النَّاظر أَن لَيْسَ غرضي بِذكر الْعلمَاء أخص الْمُحَقِّقين مِنْهُم والمتسمين من أهل الْفَهم فيهم إِذْ ذَاك ينْدر فِي كل جيل لَكِن مرادي غَالِبا ذكر الْفُقَهَاء وَمن رَأس مِنْهُم ودرس وبالصواب أفتى وَهدى إِذْ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ الْعلم مَدِينَة
1 / 64