قَالَ كَانَ طَاوُوس فَقِيها زاهدا ورعا مُحدثا عابدا ناسكا أدْرك خمسين من أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ بِحَيْثُ صحبهم وَأخذ عَنْهُم مِنْهُم عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر ومعاذ بن جبل وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَزيد بن ثَابت وَأَبُو هرير ومعظم أَخذه عَن الْأَوَّلين قيل لِعبيد الله بن أبي زيد مَعَ من كنت تدخل على ابْن عَبَّاس فَقَالَ مَعَ عطا والعامة قيل لَهُ فطاووس قَالَ أيهات كَانَ ذَلِك يدْخل مَعَ الْخَواص وَكَانَ عَمْرو بن دِينَار الْآتِي ذكره إِذا ذكر عِنْده طَاوُوس يَقُول مَا رَأَيْت مثله
وروى عَنهُ جمَاعَة من التَّابِعين كمجاهد وَعَطَاء وَعَمْرو بن دِينَار وَابْن الزبير وَابْن الْمُنْكَدر وَابْن مُنَبّه وَالزهْرِيّ مَعَ جمع غَيرهم لَا يُحصونَ كَثْرَة
وَمن رِوَايَته المستحسنة مَا قَالَه الرَّازِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول سَمِعت جَابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل وَأَبا عُبَيْدَة بن الْجراح يَقُولُونَ قَالَ رَسُول الله ﷺ لِأَن يخرج الرجل من بَيته صَلَاة الْغَدَاة فيجلس فِي مَجْلِسه يعلم الغلمان السكينَة وَالْوَقار وَحسن الْأَدَب أحب إِلَى الله من أَن يعبده مئتي خريف لَا يسْخط الله عَلَيْهِ وَعرضت هَذَا الْخَبَر على بعض الْفُقَهَاء فَقَالَ لي انْظُر إِلَى أدب النَّبِي ﷺ فِي هَذَا الْخَبَر كَيفَ لم ينْسب إِلَى الْمعلم غير تَعْلِيم السكينَة وَالْوَقار وَحسن الْأَدَب تأدبا مَعَ الله إِذْ قَالَ الله ﴿الرَّحْمَن علم الْقُرْآن﴾ قَامَ طَاوُوس بِقَضَاء مخلافي الْجند وَصَنْعَاء وَكَانَ يخْتَلف بَينهمَا وَله فِي صنعاء مَسْجِد يعرف بِهِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُقيم بِهِ أَيَّام لبثه بِصَنْعَاء وَلذَلِك يتَوَهَّم جمَاعَة أَن بَلَده صنعاء وَكَانَ ابْن عَبَّاس إِذا سُئِلَ عَنهُ قَالَ ذَلِك عَالم الْيمن
وَكَانَ وُلَاة الْيمن يعولون فِي أُمُورهم الدِّينِيَّة على قَوْله وَذَلِكَ عَن وصاة من مواليهم غَالِبا فَإِنَّهُ قد كَانَ شهرفي الْبَلَد أَنه إِمَام وقته وفقيه مصره وَكَانَ مَتى قيل لَهُ
1 / 94