الْجَوْزِيّ فِيهَا من مناقبه كثيرا من ذَلِك قصَّته مَعَ هرم بن حَيَّان وَهِي طَوِيلَة غير أَن مِنْهَا أَن هرم لما بلغه قَول النَّبِي ﷺ يدْخل الْجنَّة بشفاعة أويس مثل ربيعَة وَمُضر قَالَ قدمت الْكُوفَة فِي طلبه فَوَجَدته جَالِسا على شاطئ الْفُرَات نصف النَّهَار يتَوَضَّأ فعرفته بالنعت الَّذِي نعت لي وَإِذا بِهِ رجل نحيل آدم شَدِيد الأدمة محلوق الرَّأْس مهيب المنظر فَسلمت عَلَيْهِ فَرد وَنظر إِلَيّ فمددت يَدي لأصافحه فَأبى فَقلت رَحِمك الله يَا أويس وَغفر لَك كَيفَ أَنْت ثمَّ خنقتني الْعبْرَة من حبي لَهُ ورقتي لما رَأَيْت من حَاله حَتَّى بَكَيْت وَبكى
ثمَّ قَالَ وَأَنت حياك الله يَا هرم بن حَيَّان كَيفَ أَنْت يَا أخي من دلك عَليّ قلت الله
قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله سُبْحَانَ الله رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا فَقلت من أَيْن عرفت اسْمِي وَاسم أبي وَمَا رَأَيْتُك قبل الْيَوْم وَلَا رَأَيْتنِي قَالَ أنبأني الْعَلِيم الْخَبِير عرف روحي روحك حِين كلمت نَفسِي نَفسك إِن الْمُؤمنِينَ يعرف بَعضهم بَعْضًا ويتحابون بِروح الله وَإِن لم يلتقوا وَإِن ناءت بهم الدَّار وَتَفَرَّقَتْ بهم الْمنَازل فَقلت لم لم تُحَدِّثنِي رَحِمك الله عَن رَسُول الله ﷺ قَالَ إِنِّي لم أدْرك رَسُول الله وَلم يكن لي مَعَه صُحْبَة بِأبي هُوَ وَأمي وَلَكِنِّي قد رَأَيْت رجَالًا رَأَوْهُ وَلست أحب أَن أفتح على نَفسِي هَذَا الْبَاب لَا أكون مُحدثا وَلَا مفتيا وَلَا قَاصا فِي نَفسِي شغل عَن النَّاس ثمَّ كَانَ بَينهمَا حَدِيث يطول شَرحه من جملَته أَنه أخبر هرم بِمَوْت عمر قَالَ لَهُ هرم إِن عمر لم يمت قَالَ بلَى نعاه إِلَيّ رَبِّي ﷿ ونعى إِلَيّ نَفسِي ثمَّ دَعَاني وأوصاني أَن لَا أُفَارِق الْجَمَاعَة وَقَالَ إِن فَارَقْتهمْ فَارَقت دينك وَأَنت لَا تعلم وَدخلت النَّار ثمَّ قَالَ لَا أَرَاك بعد الْيَوْم فَإِنِّي أكره الشُّهْرَة والوحدة أحب إِلَيّ لِأَنِّي كثير الْغم مَا دمت مَعَ هَؤُلَاءِ النَّاس حَتَّى لَا يسْأَل عني وَلَا يطلبني أحد وَأعلم أَنَّك مني على بَال وَإِن لم أرك وترني واذكرني وادع لي فَإِنِّي سأدعو لَك وأذكرك إِن شَاءَ الله فَانْطَلق أَنْت هَاهُنَا حَتَّى آخذ أَنا هَاهُنَا فحرصت على أَن أَمْشِي مَعَه سَاعَة فَأبى عَليّ ففارقته أبْكِي ويبكي وَجعلت أنظر إِلَيْهِ حَتَّى دخل بعض السكَك ثمَّ كنت أسأَل عَنهُ بعد ذَلِك فَلم أجد مخبرا وَمَا أَتَت عَليّ جُمُعَة إِلَّا ورأيته فِي مَنَامِي مرّة أَو مرَّتَيْنِ وَأسْندَ ابْن الْجَوْزِيّ بِكِتَاب الصفوة إِلَى أَسِير بن جَابر أَنه قَالَ كَانَ أويس إِذا حدث
1 / 90