السُّهيْلي وَلم يَعش إِبْرَاهِيم غير سنة وَعشرَة أشهر وَثَمَانِية أَيَّام
ثمَّ نرْجِع إِلَى ذكر أَحْوَاله ﷺ وَلما بلغ خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة من عمره بنت قُرَيْش الْكَعْبَة وحكمته أَن يرفع الرُّكْن إِلَى مَوْضِعه فَلَمَّا كملت لَهُ أَرْبَعُونَ سنة ابتدئ بِالْوَحْي مناما لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة وَقيل لعشر خلون من ربيع الأول وَاسْتمرّ الْوَحْي مناما سِتَّة أشهر وَلما كَانَ فِي رَمَضَان أَتَاهُ جِبْرِيل بِالْوَحْي يقظة وَلذَلِك قَالَ ﷺ الرُّؤْيَا الصادقة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأَرَادَ أَن أَعْوَام نبوته إِذا قسمت على سِتَّة أشهر كَانَت سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا إِذْ هِيَ على الصَّحِيح ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيل يقظة أخبر بذلك خَدِيجَة فآمنت وصدقت وَهِي أول النِّسَاء إسلاما وَكَانَت امْرَأَة صدق وصاحبة حق وَكَانَ إِذا جاءها مُكَذبا صدقته أَو مؤذى هونت عَلَيْهِ وَأسلم أَبُو بكر الصّديق وَعلي بن أبي طَالب وَزيد بن حَارِثَة هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة أول من آمن من هَذِه الْأمة بِاتِّفَاق مَعَ اخْتِلَاف فِي السَّابِق مِنْهُم وَوجه بعض الْعلمَاء لذَلِك بِأَن خَدِيجَة أول النِّسَاء إسلاما وَأَبُو بكر أول الرِّجَال وَعلي أول الفتيان وَزيد أول الموَالِي وَلما أسلم أَبُو بكر خبر بِإِسْلَامِهِ ودعا إِلَيْهِ فَأسلم بِإِسْلَامِهِ سِتَّة نفر خَمْسَة من الْعشْرَة وهم عُثْمَان وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن وَسعد وَطَلْحَة وَالسَّادِس خباب بن الْأَرَت وَأقَام ﷺ وَأَصْحَابه مخفون الْإِسْلَام مترددون فِي إِظْهَاره ثَلَاث سِنِين حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر﴾ الْآيَة فنابذ ﷺ قومه وجانبهم فعادوه وَقَامَ بنصرته عَمه أَبُو طَالب وذب عَنهُ وَجعل الْمُشْركُونَ يُؤْذونَ أَصْحَابه ويعذبون من قدرُوا عَلَيْهِ مِنْهُم ويفتنونه عَن دينه
وَلما بلغُوا ثَمَانِينَ رجلا وَرَأى رَسُول الله ﷺ مَا هم فِيهِ من أذية الْمُشْركين أَمرهم بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَة فَهَاجَرَ مِنْهُم اثْنَان وَثَمَانُونَ رجلا اخْتلف هَل كَانَ عمار بن يَاسر فيهم ثمَّ بعد ذَلِك أسلم حَمْزَة وَعمر بن الْخطاب فَامْتنعَ بهما من بَقِي بِمَكَّة من الْمُسلمين ثمَّ فِي سنة سِتّ كتبت الصَّحِيفَة على بني هَاشم وَمن دخل مَعَهم من بني الْمطلب وَخرج مِنْهُم أَبُو لَهب ثمَّ سلط الله عَلَيْهَا الأرضة فأتلفتها ثمَّ فِي سنة عشر توفيت خَدِيجَة بنت خويلد وعمرها سِتّ وَخَمْسُونَ سنة برمضان ثمَّ أَبُو طَالب بعْدهَا بِثَلَاث وَهُوَ ابْن سِتّ وَثَمَانِينَ وَقيل تسعين فكثرت أذية الْمُشْركين لرَسُول الله ﷺ وَلم يجد من يصد عَنهُ كَأبي طَالب وَلَا يهون عَلَيْهِ ويسكنه كخديجة ﵂
1 / 73