بيد أن اقتطف ريحانة من روض. وامتاح نقطة من حوض؟ فجاء بالثمد. ووقف دون الأمد. وأهمل ذكر جماعة من أكابر الفضلاء. وأماثل النبلاء. ومجيدي الشعراء. ومفيدي البلغاء. هم أجل قدرًا من أن لا يعرفوا. وحاشاهم أن يكونوا نكرات فيعرفوا. وعذره فيمن أدرك منهم عصره، ولم يجر ذكره. بعد دياره عن ديارهم. وإن الليالي لم تأته باسمارهم. والرياح لم تهب عليه بأخبارهم، حكمة الله البالغة في العباد. الشاملة للحاضر والباد. ليبين مصداق كم ترك الأول للآخر. ويقف العقل حسيرًا دون ساحل لج الفيض الزاخر. وفوق كل ذي علم عليم. فجدد لي حديث هذا الاستدراك ذلك العزم القديم. وقال لي عزيم ذلك الخاطر هات فقد طال مطال العزيم. فوجهت الهمة شطر ذلك القصد. ورميت قنا الفتور المتأطرة بالقصد. وشمرت الذيل. وسمرت الليل. وأتيت بما وقفت عليه. وأوردت ما انتهت قدرتي إليه. من فرائد نظم كأنهم اللؤلؤ والمرجان. وخرائد سجع لم يطمثهن انس قبلي ولا جان. وغرر يضيء بها حندس الليل البهيم. ودرر تكلف بها لبات الغواني وتهيم. لم يخلق بهجتها تقادم العهد والزمان. ولا ازرى بجديدها مرور الجديدين واستيلاء الحدثان. وكنت على أن لا أوارد الخفاجي في ريحانته. ولا أزاحمه في ورود حانته. ثم رأيت ما قاله نادرة باخرز في دميته. إني تأملت الطبقات القديمة فوجدت فيها. على اختلاف مصنفيها. شعر كل من الفضلاء مكررًا وفضل كل من الشعراء مقررًا فقلت لو جفا فاضل فترك منسيًا كدارس الأطلال. ومنفيًا كنعل أخلقت من النعال. ثم اعتذر عنه بأن بعض المؤلفين أثبته فمحوناه. وإن واحدًا من المصنفين وفا له فجفيناه. كان الفضل من جهته مظلومًا. ولا زال عند جميع الفضلاء ملومًا. انتهى. فكررت في كتابي هذا أسماء جماعة سبقني إلى ذكرهم من أهل هذه المائة. وهي الحادية عشره. وأوردت من نتائج أفكارهم ما تستحلي الألباب ذوقه. وتستطيب الأسماع نشره. والتزمت أن لا أورد شيئًا من الشعر الذي رقمه. وإن أعدت اسم الشاعر الذي ترجمه. وكتابي هذا مقصور على محاسن أخبار أهل هذه المائة. ومكسور على أحاسن أشعار هذه الفئة وقد رتبته على خمسة أقسام القسم الأول في محاسن أهل الحرمين الشريفين. والمحلين المنيفين. زادهما الله تعالى شرفًا وإنافة. ولا زالا آمنين بأمان من شرفهما من المخافة. القسم الثاني في محاسن أهل الشام ومصر ونواحيهما. ومن تصدر من الفضلاء في صدور نواديهما القسم الثالث في محاسن أهل اليمن. المقلدين بعقود آدابهم جيد الزمن. القسم الرابع في محاسن أهل العجم والبحرين والعراق. وإيراد ما رق من لطائفهم وراق القسم الخامس في محاسن أهل المغرب. وإثبات شيء من بديع نظمهم المطرب. والعذر في تأخير قسمهم عن سائر الأقسام. رعاية النكتة في المغرب للختام. وإلا فلهم السبق والبداية. ولا غرو إن انتهت إليهم الغاية. وإذا أشرق إن شاء الله تعالى بدره المنير من أفق الثمام. وتفتق زهره النضير من حجب الكمام وسمته بسلافة العصر. في محاسن الشعراء بكل مصر والله اسأل أن يوفقني لاتمامه. ويشفع حسن ابتدائه بحسن ختامه. والملتمس ممن انتشا من هذه السلافة. أن يلحظها بعين الصواب مهما رأى خلافه. فإنها نشأت عن فكر قد صلد زنده. في بلد عربه عجمه وهنده. لم تقم فيه للأدب سوق. ولا عرف به غير الكفر والفسوق. سنى الله لنا العود منه إلى حرمه. والرجوع إلى جوار بيته المحرم بجوده وكرم. إنه على كل شيء قدير. وبالإجابة جدير
القسم الأول
محاسن أهل الحرمين والبلدين المحترمين
وفيه فصلان الفصل الأول في
محاسن أهل مكة المشرفة
زادها الله شرفًا يزاحم من قصر الفلك الأطلس شرفه.
1 / 3