فهتف محمد عفت: يا عجوز، اعترف بالكبر وكفاك مكابرة .. - لا ترفع صوتك خشية أن يسمعك قلبي فيسوق العوج، أصبح قلبي كالطفل المدلل ..
فقال إبراهيم الفار وهو يهز رأسه آسفا: يا له من عام ذلك العام الماضي، كان علينا شديدا، فما ترك واحدا منا سليما كأننا كنا على ميعاد! - على رأي عبد الوهاب: لنعيش سوا لنموت سوا ..
فضحكوا معا، وإذا بعلي عبد الرحيم يغير لهجته ويتساءل جادا: أهذا يصح؟ أعني ما فعله النقراشي؟
فتجهم وجه أحمد عبد الجواد وقال: كم أملنا أن تعود المياه إلى مجاريها، أستغفر الله العظيم .. - أخوة الجهاد والعمر ضاعت هباء! - في هذا الزمن كل جميل يضيع هباء ..
وعاد أحمد عبد الجواد يقول: لم أحزن لشيء كما حزنت لخروج النقراشي، ما كان ينبغي أن يذهب به الخصام إلى هذا الحد .. - ترى ما النهاية التي تنتظره؟ - النهاية المحتومة، أين الباسل والشمسي؟ لقد قضى الرجل المجاهد على نفسه، وأخذ في رجليه أحمد ماهر.
وهنا قال محمد عفت متنرفزا: دعونا من هذه السيرة! أنا أكاد أطلق السياسة!
وخطر للفار خاطر، فتساءل باسما: لو اضطررنا - لا سمح الله - إلى ملازمة الفراش كالسيد علي، فكيف نتقابل ونتحادث؟
فتمتم محمد عفت: فال الله ولا فالك ..
فضحك أحمد عبد الجواد وقال: لو وقع المحذور نتخاطب بالراديو، كما يخاطب بابا «سخام» الأطفال! ..
وضحكوا جميعا، وأخرج محمد عفت ساعته ونظر فيها، ولكن علي عبد الرحيم جزع وقال: ستبقون معي حتى يحضر الطبيب؛ لتسمعوا ماذا يقول، ملعون أبوه وأبو أيامه ..
نامعلوم صفحہ