لم يقطع بصلاة العصر، بل صليت قبله، فكذلك الخاطب يوم الجمعة مقصوده خطابهم وأمرهم ونهيهم، ثم الصلاة عقب ذلك، فلا يجب أن يشتغلوا عن هذا المقصود، مع أن عقبه يحصل السجود.
وهذا يدل على أن سجود التلاوة يسقط لما هو أفضل منه. ألا تري أن الإنسان لو قرأ لنفسه يوم الجمعة، قد يقال: إنه لم يستحب له أن يسجد دون الناس، كما لا يشرع للمأموم أن يسجد لسهوه؟ لأن متابعة الإمام أولى من السجود، وهو مع البعد. وإن قلنا يستحب له أن يقرأ، فهو كما يستحب للمأموم أن يقرأ خلف إمامه. ولو قرأ بالسجدة، لم يسجد بها دون الإمام. وما أعلم في هذا نزاعا. فهنا محافظته على متابعة الإمام في الفعل الظاهر أفضل من سجود التلاوة، ومن سجود السهو، بل هو منهي عن ذلك، ويوم الجمعة إنما سجد الناس لما سجد عمر، ولو لم يسجد لم يسجدوا حينئذ. فإذا كان حديث عمر قد يراد به أنه لم يكتب علينا في هذه الحال، لم يبق فيه حجة، ولو كان مرفوعًا.
وأيضًا، فسجود القرآن هو من شعائر الإسلام الظاهرة، إذا قرئ القرآن في الجامع سجد الناس كلهم للَّه رب العالمين، وفي ترك ذلك إخلال بذلك؛ ولهذا
1 / 59