ثالثا: مفهوم الصحبة في آثار الصحابة والتابعين
تحدثنا عن تحديد مفهوم الصحبة في القرآن الكريم ثم مفهوم الصحبة في نصوص السنة النبوية وذكرنا أن تلك النصوص لا تطلق الصحبة إلا على المهاجرين والأنصار ومن في حكمهم ولا تدخل من سواهم من الأعراب والطلقاء ونحوهم.
وهذا المبحث ليس نصوصا شرعية وإنما ملحق بالنصوص الشرعية من باب تفسير ومتابعة فهم السلف الصالح من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان.
سنعرض الآن مفهوم الصحبة عند بعض الصحابة والتابعين ممن وجدنا لهم أقوالا في هذا الموضوع، وسنرى أن الصحبة عند الصحابة أنفسهم وكثير من التابعين لا يكاد يخرج عن التحديد الشرعي للصحبة من نصوص القرآن والسنة، ولكن مع تقادم الزمان، وتكريس التقليد، وظهور موجات الزهد المصاحب للغفلة والتعميم؛ ذبلت المفاهيم الشرعية وأقوال من قال بها، حتى اختار الناس تعريفات متأخرة؛ تمدح المسيئين بفعل المحسنين وتبالغ في الرؤية وتهمل الكبائر كل هذا بلا دليل شرعي حتى أصبحت الرؤية أفضل الأعمال! ونحو ذلك من الاعتقادات التي ما أنزل الله بها من سلطان وهي أقرب للبدعة منها إلى السنة.
مثل هذه الآثار التي نقول عندها (فيما يبدو -هذا احتمال- فيه نوع من دليل...) نضعها مع كون دلالتها ليست قاطعة لكنها محتملة ويشهد لها ما صح من الأحاديث والآثار التي فيها دلالة واضحة على ما كررناه في هذا الكتاب، فالأدلة في هذا منها ما هو قطعي الدلالة ومنها ما هو ظني الدلالة.
وفي أقوال الصحابة سنقدم أصحاب الصحبة الشرعية ثم أصحاب الصحبة العامة ثم التابعين.
ولعل من أبرز تلك الآثار الصحابية في تحديد مفهوم الصحبة عند الصحابة ما يلي:
صفحہ 132