176
وفي أواخر القرن السابع عشر، استخدم الصوفيون في كل أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى السنة النبوية لوصف الحكام والأخلاق والقوانين العرفية في هذه المنطقة الشاسعة بأنها من صور الكفر الوثني والبدع. وغالبا كان هذا الانخراط الصوفي الشديد للغاية في الإصلاح الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من الإصلاح السياسي، مما قاد الصوفي ابن الطريقة القادرية عثمان دان فوديو (المتوفى عام 1817) إلى دعوة رفاقه من قبيلة الفولاني إلى سلسلة من عمليات الجهاد المشروع، التي أسفرت عام 1809 عن تأسيس «خلافة» سوكوتو.
177
وعلى الرغم من أنه قيل إن فوديو اعتبر الصوفية وسيلة للتطهير الشخصي التي كانت منفصلة عن مصادر رؤيته السياسية، تظل حقيقة أن الصوفيين - وإن لم تكن الصوفية في كل الأحوال - كانوا مسئولين عن تأسيس دول جديدة بارزة في أفريقيا.
178
على الرغم من ذلك، يجب ألا نرى ذلك بمثابة صورة فحسب للتأثير الصوفي على أفريقيا، بل يجب أن نراه أيضا صورة للتأثير الأفريقي على الصوفية، وعلى نحو أكثر تحديدا يجب أن ندرك العملية التي من خلالها زودت الصوفية الأفارقة بالمصطلحات الدينية، والنموذج التنظيمي، ووسائل نقل المعرفة التي مكنتهم من تصدير سمات من الممارسة الدينية الأفريقية إلى العالم الإسلامي الأوسع نطاقا. وإلى حد كبير، كان هذا ممكنا بسبب التهجير الجبري للعبيد إلى شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية والهند؛ حيث مثلت الصوفية وسيلة مفهومة ومشروعة لاستمرار الممارسات الأفريقية التقليدية، المتمثلة في الغشية الموسيقية واستحضار الأرواح. ويمكن ملاحظة هذه العملية بين أوساط السيديين الذين كانوا عبيدا في السابق ومنحدرين من نسل أفريقي، الموجودين في الهند وفي الطريقة الحمدوشية والطريقة الكناوية في المغرب.
179
وجعل السيديون ذكرى ماضيهم الأفريقي حية من خلال طقوس تؤدى أمام ضريح سلفهم الأفريقي المزعوم، بابا جور، في كجرات.
180
وشرحت الطريقة الحمدوشية طقوسها المميزة في استحضار الأرواح من خلال أساطير مؤسسها سيدي حمدوش (المتوفى عام 1718)، الذي سافر إلى السودان وأحضر لدى عودته الناي الذي يستخدمونه في الطقوس، المعروف باسم «العواد»، وكذلك الدف والجنية عيشة قنديشة.
نامعلوم صفحہ