Sufism - Origin and Sources
التصوف - المنشأ والمصادر
ناشر
إدارة ترجمان السنة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
پبلشر کا مقام
لاهور - باكستان
اصناف
ويعلم أن المأكول أيضا من جنس الملبوس فيدخل في طريقهم على بصيرة، وهذا أمر مفهوم معلوم عند المبتدئ، والإشارة إلى شيء من حالهم في تسميتهم بهذا أنفع وأولى، وأيضا غير هذا المعنى مما يقال إنهم سموا صوفية لذلك يتضمن دعوى وإذا قيل سموا صوفية للبسهم الصوف كان أبعد من الدعوى، وكل ما كان أبعد من الدعوى كان أليق بحالهم، وأيضا لأن لبس الصوف حكم ظاهر على الظاهر من أمرهم، ونسبتهم من أمر آخر من حال أو مقام أمر باطن، والحكم بالظاهر أوفق وأولى، فالقول بأنهم سموا صوفية للبسهم الصوف أليق وأقرب إلى التواضع، ويقرب أن يقال: لما أثاروا الذبول والخمول والتواضع والإنكار والتخفي والتواري، كانوا كالخرقة الملقاة والصوفية المرمية التي لا يرغب فيها ولا يلتفت إليها، فيقال (صوفي) نسبة إلى الصوفة، كما يقال (كوفي) نسبة إلى الكوفة، وهذا ما ذكره بعض أهل العلم، والمعنى المقصود به قريب ويلائم الإشتقاق، ولم يزل لبس الصوف اختيار الصالحين والزهاد والمنشقين والعباد.
أخبرنا أبو زرعة طاهر عن أبيه، قال أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم، قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد، قال حدثنا أبو علي بن إسماعيل بن محمد، قال حدثنا الحسن بن عرفة، قال حدثنا خلف بن خليفة عن حميد بن الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود رضي الله قال: قال رسول الله ﷺ: يوم كلم الله تعالى موسى ﵇ كان عليه جبة صوف وسراويل صوف وكمه من صوف ونعلاه من جلد حمار غير مذكى.
وقيل: سموا صوفية لأنهم في الصف الأول بين يدي الله ﷿ بارتفاع هممهم وإقبالهم على الله تعالى بقلوبهم ووقوفهم بسرائرهم بين يديه. وقيل: كان هذا الاسم في الأصل صفوي، فاستثقل ذلك وجعل صوفيا. وقيل سموا صوفية نسبة إلى الصفة التي كانت لفقراء المهاجرين على عهد رسول الله ﷺ، الذين قال الله تعالى فيهم ﴿للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض﴾ الآية، وهذا وإن كان لا يستقيم من حيث الاشتقاق اللغوي ولكنه صحيح من حيث المعنى، لأن الصوفية يشاكل حالهم حال أولئك لكونهم مجتمعين متآلفين متصاحبين لله وفي الله، كأصحاب الصفة، وكانوا نحوا من أربعمائة رجل لم تكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر، جمعوا أنفسهم في المسجد كاجتماع الصوفية قديما وحديثا في الزوايا والربط، وكانوا لا يرجعون إلى زرع ولا ضرع ولا إلى تجارة، كانوا يحتطبون ويرضخون النوى بالنهار، وبالليل يشتغلون بالعبادة وتعلم القرآن (تلاوته) وكان
1 / 27