372

سوڈان

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

اصناف

قبل سنة 1904 رخص للسودان - بعد موافقة الحكومة المصرية - بإدارة طلمبات تكفي لري 2000 فدان ريا دائما. ولما أنشئ خزان أسوان في تلك السنة زيدت تلك المساحة 10000 فدان، ثم زيدت 10000 أخرى بعد تعلية الخزان في سنة 1912؛ وإذن تكون جملة الأرض المسموح بريها بالطلمبات ريا دائما 22000 فدان، غير أن هناك شيئا من الخلاف في حقيقة مساحة هذه الأراضي منشؤه أن بعض المستندات قد يؤخذ منها أن ال 10000 فدان التي أبيح ريها عند إنشاء الخزان يدخل فيها ما كان مسموحا بريه قبل ذلك، على حين أن غيرها من المستندات قد يؤخذ منه أن هذه ال 10000 فدان هي المسموح بريه بعد إنشاء الخزان خاصة. نعم إن الفرق بين الاعتبارين ليس بذي شأن كبير. ولكن من رأي اللجنة أن تتفاهم جهات الاختصاص في هذه المسألة تجنبا للخلاف في المستقبل.

ولقد أبدى المندوب البريطاني في اللجنة رأيا في هذه المسألة، وهو أنه يصح قياسا على ما كان في الماضي أن لا ترى الحكومتان البريطانية والمصرية ما يمنع من زيادة المساحة التي تروى بالطلمبات ريا دائميا 20000 فدان بعد أن يتم سد جبل الأولياء. لكن هذه مسألة غير هندسية لا تكاد تدخل في موضوعات بحثنا على ما بينا من أمرها في فقرة سابقة من هذا التقرير، فالبحث فيها يثير مسألة أخرى هي: هل للسودان - بسبب موقعه الجغرافي لا غير - حق السحب في التصرف الطبيعي للنيل في وقت تعجيزه.

ومما ينبغي التنبيه له أن الري الدائمي يجر - لا محالة - إلى أخذ الماء في وقت انخفاض النهر، ومع أن مساحة ما يروى فعلا في فصل الصيف كانت دائما أقل كثيرا من المساحة المرخص بها فإن هذا الاقتراح يبيح للسودان سحب مياه تنتفع بها مصر الآن، ولكن اللجنة امتنعت من أن تبدي رأيا قاطعا، ورأيها: أن تسوية هذه المسألة من غير تدخل هيئة فنية أمر ليس بعزيز على الحكومتين البريطانية والمصرية؛ نظرا لضآلة المقادير التي يقتضي ذاك التوسع المحدود في الري الدائمي بالطلمبات أخذها من النيل في زمن انخفاضه.

وفوق هذا الري الدائمي الذي ذكرنا أبيح للسودان - بأمر من وزارة الأشغال المصرية - أن يرفع الماء بالطلمبات من 15 يولية إلى آخر فبراير (باعتبار تاريخ السودان) من غير تحديد المساحة، وحتى وقتنا هذا بلغ المنزرع بمقتضى هذه الإباحة نحو 160000 فدان. ولقد دل تمحيص الحالات الراهنة - كما هي مبسوطة في هذا التقدير - على أن موسم الفيضان - وهو الموسم الملحوظ في تلك الإباحة - لا يمكن اعتباره ممتدا إلى ما بعد نهاية ديسمبر (تاريخ سنار). وعلى هذا فالرفع بالطلمبات في زمن الفيضان، ينبغي طبقا للقواعد التي أخذت بها اللجنة أن يقف في هذا التاريخ، ولكن الأحوال الزراعية تجعل الري بالطلمبات قليل الجدوى إذا قيد بهذه القيود، ومن ثم لم تجد اللجنة مندوحة عن النظر في وضع خطة للري النيلي بالآلات في السودان يعمل بها في المستقبل، وتراعى فيها القواعد المأخوذ بها في هذا التقرير والأحوال الراهنة لمياه النيل.

الحل القريب تعويض الماء الذي يستعمل للري النيلي بالطلمبات بماء من المخزون في سنار، والتعديل في طريقة تشغيل الخزان يأتي بكمية إضافية يمكن تخصيصها لهذا الغرض، وهي غير داخلة في المقادير المقررة لمشروع ري الجزيرة. ولقد كانت الخطة الأولى لتشغيل ترعة الجزيرة - وقد بينا هذه الخطة من قبل - أن تبقى جارية من 15 إبريل إلى 15 يولية، وتستمد من مياه الخزان الماء اللازم للأهالي في المنطقة المنزرعة، ولا بد في هذه الحالة إذن من أن يبقى منسوب الخزان بطبيعة الحال عند الحد اللازم لإمداد ترعة الجزيرة بهذا القدر من الماء، ومنسوب الترعة بالنسبة لمنسوب النهر الطبيعي يقتضي في هذه الحالة أن يحبس في الخزان على الدوام نحو 150 مليون متر مكعب من الماء، ولو أن الماء اللازم للأهالي يرفع بالطلمبات لأمكن إطلاق هذا القدر المحبوس في الخزان ليجري في النهر ويعوض ما يؤخذ منه بالطلمبات بعد انتهاء موسم الفيضان، أي بعد آخر ديسمبر (تاريخ سنار).

ولا بد من حبس هذا القدر ثانية في النهر في شهر يولية حتى يتسنى إعداد ترعة الجزيرة للموسم القادم، والرسم رقم (1) يدل على أنه في الفيضانات العادية أو العالية لا يوجد أثر ذو بال في حالة المياه بمصر وفي الزمن القابل. وفي سني الفيضان المتأخر كثيرا يمكن تأخير البدء بالموازنة في خزان سنار على حسب الترتيب المقترح في الفقرة 51 كي يعيد المقدار المسحوب قليلا يمكن إغفاله، وهذا ليس بعزيز على جهات الاختصاص، واللجنة تشعر بأن ما يطرأ أحيانا من الحالات الشاذة يجب أن لا يتخذ ذريعة لنبذ الوسائل التي تلائم الأحوال المعتادة ولا تأباها السنون الرديئة، وعلى هذا فالذي تراه اللجنة أن الطلمبات التي تعمل في موسم الفيضان إلى آخر فبراير يمكن أن يستمر التوسع التدريجي في الترخيص بها كما كان الحال في الماضي ما دام الماء الذي ترفعه بعد آخر ديسمبر يمكن تعويضه بالكيفية المتقدمة. (9-1) ري الحياض في السودان

في السودان حياض مساحتها نحو 80000 فدان. لكن لا يغمر منها إلا جزء يسير.

هذه الحياض - فيما هو معلوم - غير صالحة لتحسين يذكر، وليس لها من الوجهة الزراعية كبير قيمة. ذلك أن أراضيها عالية وطبيعتها تأبى ملأها من الترع الآخذة من النيل على مسافات بعيدة كما هو الحال في مصر. هذه الحياض سينالها شيء من الضرر بسبب سحب الماء عند سنار وجبل الأولياء. لكن القضايا التي تقدمت عند الكلام في حياض مصر تصدق هنا، واللجنة لا تعد ري حياض السودان ركنا كبيرا من أركان الموضوع الذي تعالجه، ولا تجد داعيا لأن تدلي بآراء فيه خاصة. (10) الخلاصة والكلمة الختامية

يمكن تلخيص أهم آراء اللجنة فيما يأتي: (أ)

يجب أن تختص مصر بالانتفاع بتصرف النيل الطبيعي من 19 يناير إلى 15 يولية (تاريخ سنار)، مع مراعاة ما سيذكر بعد عن طلمبات السودان. (ب)

نامعلوم صفحہ