فأجابه الرجل: حفرت بئرا على حافة الطريق وغرست بجوارها شجرة؛ ليشرب المسافرون والغرباء من البئر وليستريحوا في ظل الشجرة.
فلما استيقظ الرجل الحالم من النوم كان مصفر الوجه من الخوف؛ فحفر بئرا وغرس شجرة وبنى مضيفة للمسافرين من غرباء وفقراء.»
وفي هذه الحكاية ما يذكرنا بالآية الإنجيلية القائلة: «إن من يسقي باسمي كأس ماء بارد فإن أجره لا يضيع، إننا لا نطلب من الناس أن يحفروا آبارا ليشرب الناس منها، ولكننا نرجو ألا يحفروا لهم حفرا يقعون فيها ... وإذا لم يقدروا أن يغرسوا أشجارا فلا يكونوا على الأقل سياجا من العليق والقندول؛ ليقطعوا عليهم الطريق.»
إن الصلاة صلة بين الخالق والمخلوق، وما أشبهها إلا بطبق ذهبي نتقدم به من عرش ذي الجلال وعليه أعمالنا، أما الذي يصلي ولا يعمل خيرا فهو أناني يحسب الصلاة شبكة يتصيد بها نعم الله ليستبد بها.
روي عن الإمام علي أنه مر برجل يقرأ كتاب الله سحابة النهار، فقال له ما معناه: اقرأه في الغداة والعشي، واعمل فيما بينهما.
أما الذين يجعلون الصلاة أحبولة فأستعير لهم بعض ما قاله بديع الزمان في ذلك القاضي: «يسوي طيلسانه ليحرف يده ولسانه، ويقصر سباله ليطيل حباله، ويظهر ورعه ليخفي طمعه، ويغشى محرابه ليملأ جرابه، ويكثر صلاته ودعاءه ليملأ جوفه ووعاءه. وأقسم لو أن اليتيم وقع في أنياب الأسود بل الحيات السود، لكانت سلامته منها أحسن من سلامته إذا وقع بين غيابات هذا القاضي، فهو ذئب يفترس عباد الله بين الركوع والسجود.»
أجل، إن السائل الثرثار الملحف يرد، فلنصل ولنعمل فنستقيم كما أمرنا ونكون على خلق عظيم.
الدين إيمان وعمل، ولما صار هم الناس متجرهم حرفوا الكلمة وقالوا: الصلاة عادة، والصوم جلادة، والدين معاملة.
رحم الله كل من يعلم ويعمل، وهدى من يكون كالجزار يذكر الله ويذبح!
اتكل على نفسك
نامعلوم صفحہ