125

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

ناشر

دار عمار للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

پبلشر کا مقام

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

اصناف

فالحجّ ركن من أركان الإسلام ودعائمه العظام نقوم بمناسكه طَاعَةً لله لأنَّ الله أمر بذلك، ونؤدِّيه اتِّباعًا لسنَّةِ نبيِّه ﷺ لأنّه فعل ذلك، فقد ثبت عنه ﷺ أنَّه قال: " لتأخذوا مناسككم فإنّي لا أدري لعلّي لا أحجّ بعد حجَّتي هذه " (^١) واللام في " لتأخذوا ": لام الأمر. والتّقدير: خذوا عنّي هيأة الحجّ وصفته من أقوال وأفعال. وهذا الحديث أصل في مناسك الحجّ ومشروعيتها، فنحن المسلمين لا نعبد الله إلاّ بما أَذِن به على لسان نبيّه. ونحن لا نعظِّم هذه الأماكن، وإنّما نعظِّم أمرَ الله ورسوله، وهذا عمر بن الخطّاب ﵁ يردُّ على هذه الشّبهة منذ قرون، ويعلّم المشركين أنّ المسلمين لا يستلمون الحجر الأسود من باب تعظيمه كما فعلت العرب في الجاهليَّة، وإنَّما هو من باب الاتِّباع لفعل رسول الله ﷺ، أخرج البخاري عن عابِس بن ربيعة، عن عمر ﵁ أنَّه جاء إلى الحجر الأسود فقبَّله، فقال: " إنِّي أعلم أنَّك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفعُ، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله ﷺ يُقَبِّلك ما قبَّلْتُك " (^٢) فالحجر بذاته لا ينفع ولا يضرّ إلاّ بإذن الله، والَّذي ينفع عند الله هو امتثال أمر الله والاستنان بنبيِّه محمَّد ﷺ. وعمر ﵁ إنَّما قال ذلك دفعًا لما كان عليه أهل الجاهليَّة من اعتقاد في عبادة الأوثان، فنصَّ على أنَّ تقبيل الحجر ليس عبادةً له، وإنَّما هي عبادةٌ لله تعالى باتِّباع أمر الله ورسوله ﷺ. فلا يقصد من استلامه إلاّ تعظيم أمر الله والأخذ بسنَّة نبيِّه ﷺ، ولولا الاقتداء برسول الله ﷺ ما قبَّله عمر ﵁ وما تابعه المسلمون. وقول عمر وفعله ﵁ يُؤْخذ منه بيان السُّنن المشروعة ومتابعتها والحثّ على الاقتداء بها، فهي حجَّة على من بلغته وإن لم يَفْقَهْ عِلَلَها. كما يُؤْخذ منه حُسْنُ السَّمع والطّاعة لأمر الله ورسوله ﷺ في أمور الشَّرع، وحسن الاتِّباع للنَّبيِّ ﷺ حتَّى لو خفيت علينا الحكمة من وراء هذه الأمور.

(^١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النَّووي " (م ٥/ج ٩/ص ٤٤) كتاب الحجّ. (^٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ٢/ص ١٦٠) كتاب الحجّ.

1 / 126