324

Statements of Al-Tahawi in Interpretation: Al-Fatiha - Al-Tawbah

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

اصناف

فكان جوابنا له في ذلك: أنه قد يحتمل أن يكون أريد بما فيهما اليتامى اللاتي قد عقلن، وعرف منهن ما تميل قلوبهن إليه مما فيه صلاحهن، أو بعدُ قلوبهن مما سوى ذلك مما لا صلاح لهن فيه، وإن كن لم يبلغن، وعسى أن يكون مع بعضهن - وإن كن لم يبلغن - من حسن الاختيار أكثر مما مع غيرهن ممن بلغ من ذلك، ولكنه لا يجاوز فيهن، وفي من سواهن أمر الله تعالى الذي أمر به في خلقه، ويكون مما ينبغي لأوليائهن أن يفعلوه فيهن إذا كن كذلك، وأرادوا تزويجهن لاعتبار ما عندهن في ذلك من ميل إليه، وفي رغبة عنه، لأنهن يعرفن من أنفسهن ما لا يعرفه منهن غيرهن، فيكون ما أمر به رسول الله ﷺ في هذين الحديثين فيهن على هذا المعنى لا على ما سواه، وإذا انتفى ذلك، ثبت جواز تزويج الأولياء اليتامى اللاتي لم يبلغن، كما قال من ذهب إلى ذلك من أهل العلم ما قد ذكرناه عنه فيه.
وقد دل على هذا المعنى أيضًا ما قد روي عن علي بن أبي طالب ﵁ فيه من مذهبه في تزويج الأيتام قبل البلوغ مما قد دل: أن تأويل الآيتين اللتين تلونا كان عنده على ما كان تأويلها عليه عند عائشة، وابن عباس.
كما عن أبي داود يزيد الأودي (^١)، قال: كنت عند علي بعد العصر، إذ أُتي برجل، فقالوا: وجدنا هذا في خربة مراد، معه جارية مخضَّبُ قميصها بالدم، فقال له: ويحك ما هذا الذي صنعت؟ قال: أصلح الله أمير المؤمنين كانت بنت عمي يتيمة في حجري، وهي غنية في المال، وأنا رجل قد كبرت وليس لي مال، فخشيت إن هي أدركت ما يدرك النساء ترغب عني، فتزوجتها. قال: وهي تبكي. فقال: أتزوجتيه؟ فقائل من القوم عنده يقول لها: قولي (نعم)، وقائل يقول لها: قولي (لا) فقالت: نعم، تزوجته. فقال: خذ بيد امرأتك.

(^١) أبو داود هو: يزيد بن عبد الرحمن بن الأسود الأوْدِيُ الكوفي، وثقة ابن حبان وغيره. (تهذيب الكمال - ٨/ ١٣٧).

1 / 324