(1) الثورة الأولى
كتبت «ليديا لامبير» في كتابها الشيق عن أول شاعر روسي تغنى بالحرية وهو بوشكين، كتبت تصف حالة روسيا في عام 1825 تقول:
كانت المظالم والعبودية تصرخ في وجهه ... فقد كان هناك رجال «يملكون» رجالا غيرهم، وكان في وسعهم أن يعرضوهم للبيع «بالجملة أو بالقطاعي»، فيفرقون بين الولد وأمه، وبين الزوجة وزوجها، وكان في وسعك أن تقتل العبد، فلم تكن هذه جريمة، وإنما كانت «خسارة» فقط ... فقد كانت هذه الأرواح ثروة لصاحبها.
كل هذا حدث بعد مونتسيكو وفولتير وروسو ... بل بعد شيللر الذي كان يعتقد أن المجتمع قد بلغ أقصى درجات الكمال، كل هذا حدث بعد الثورة الفرنسية ... كان كل فرد يشعر بأن من المحال أن تستمر هذه الحال؛ لأنها بالية، آثمة.
وقد كان من الجنون أن يفكر أحد في مهاجمة الأوتوقراطية والعبودية، وهما الركنان الصنوان اللذان كانت تقوم عليهما إمبراطورية القياصرة، ولكن منذ سقط الباستيل، آمن الناس بأنه ليس ثمة نظام في العالم يمكن أن ييأس القوم من القضاء عليه.
وكان هذا النظام القائم في روسيا قد أكله الدود ... وعلى الرغم من نشاط البوليس الذي انتشر في كل مكان، فإنه لم يمكن انتزاع مبادئ الحرية التي كانت تعتبر جريمة موجهة ضد الدولة، حتى الجيش كان قد «تلوث» بهذه المبادئ.
ورابطت فصيلة من الحرس في تسارسكو سيلو، وكان فتيان الكلية يقفزون من فوق السور ويعقدون الصداقات مع الفرسان ... وكان بوشكين واحدا من هؤلاء الفتيان، فقد كان يحب الشمبانيا والنكت، وتناول وجبات الطعام في جو من الأخوة، ودخان التبغ، والمناقشات الحامية حول: الله، والحب، وسياسة مترنيخ ... وآخر عشيقة حظيت برضاء القيصر ... كان الفرسان يختلفون عن غيرهم من المغرورين الفخورين المسرفين ... فلقد كانوا من الضباط الشبان الذين صلصلت سيوفهم المنتصرة في جوانب باريس، ثم عادوا إلى بلادهم ورءوسهم لا تكاد تستقر على أكتافهم لفرط ما استنشقوا من نسيم الحرية ... كان بينهم «شاديف»، الجندي الفيلسوف الماسوني، الذي كان في جمال ووداعة «ملاك» هبط إلى الأرض ... وكان في وسعه أن يستمتع بالجانب الحسن من الحياة، إلا أنه فضل على ذلك الجوانب الفلسفية.
وكان بينهم «كافرين»، ابن الحظ الذي كان يشرب ويغني ويعبث؛ إذ كان جميلا، مرحا غنيا نبيلا، وكان بينهم «رافسكي»، الذي يبلغ من العمر ستة عشر عاما - مثل بوشكين - وكان والده الجنرال رافسكي هو الذي قاده بيده إلى المعركة ضد نابليون في عام 1812.
وكانت الحياة في تسارسكو سيلو واتصالها بالبلاد لا تبعث على احترام القيصرية ... فلم يكن القيصر سوى منافق متوج، يحيط نفسه بعجائز النساء والكهنة والرجعيين، وكانت الصلاة لله واستغفال عباد الله يسيران عنده جنبا إلى جنب ... فلقد استغفل الجميع: زوجته، وحلفاءه، ورعاياه، ونابليون.
ستالين أو الرجل الصلب!
نامعلوم صفحہ