وتعطل صدور صحف الصباح في روسيا عدة ساعات حتى ساورت أهل موسكو وهم في طريقهم إلى العمل الشكوك والمخاوف، وأخذوا يجتمعون ويقفون أمام أكشاك بيع الصحف وهم يتساءلون ويستفسرون، وبعد الساعة الثامنة بقليل وصلت الصحف وكلها ملأى بالتفاصيل التافهة، وبدأ الروس يعلمون مثل باقي الناس في أنحاء العالم كله تفاصيل دقيقة خاصة عن ستالين وهو على فراش موته أكثر مما علموا خلال الأعوام التسعة والعشرين التي حكم فيها.
وفي داخل الكرملين كان الطب يبذل أقصى جهوده مع المريض الذي يبلغ الثالثة والسبعين من عمره، واستعمل الأطباء البنسلين، وقناع الأوكسجين، وحقن «الجلوكوز» للتغذية، و«الكافيين» للتقوية، بل لقد استعملوا وسائل قديمة في العلاج ومنها طريقة الدود الذي وضعوه لكي يمتص الدم من بعض أوردته!
وصدر بلاغ آخر:
في خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية ظلت حالة ستالين خطيرة، واستمر النزيف في المخ فأثر على الأعصاب، وعلى التنفس، وعلى الدورة الدموية، والمريض في حالة غيبوبة ... وفقدان تام للوعي.
وتغير الجو فجأة فانقلب من سماء مارس الصافية إلى سحب داكنة وثلوج متساقطة، وأخذ الناس يجتمعون في كل أنحاء روسيا حول مكبرات الصوت وحول الأمكنة التي كانت تعلق فيها النشرات، وفي موسكو تجمع عدد كبير من الناس أمام بوابات الكرملين، وكانوا يرتجفون من شدة البرد وهم يقفون تحت وابل من الثلوج المتساقطة وقد ارتدوا جميعا الملابس الثقيلة ...
كان الحزن الشديد باديا على وجوههم ...
وكانوا يتبادلون الهمسات إذا أرادوا أن يتحدثوا ...
وانسابت الدموع من عيون كثيرين ...
وكان بعضهم ينشج بالبكاء ...
وبعد أربع عشرة ساعة صدرت النشرة الطبية الثالثة، وقد جاء بها:
نامعلوم صفحہ