Springs of the Pulpit: A Collection of Sermons and Articles - Volume 1
ينابيع المنبر مجموعة خطب ومقالات المجموعة الأولى
اصناف
يكره الإنسان شيئًا ما، وتظلم حياته، وينغص عيشه لضجره من ذلك الشيء، سواء أكان ذلك الشيء هدفًا لم يتحقق أو أمرًا وقع وهو لا يريد وقوعه.
والإسلام - أَيُّهَا الأحبة - .. يعلم المسلم هنا درسًا مهمًا؛ وهو أن يزرع بوارق الأمل في نفسه دائمًا وأن لا يضيق ذرعًا، أو يحمل همًا لأمر كرهه وتبرم منه، فيجب أن تشيع في النفس روح التفاؤل، ثم تأمل أيها المبارك .. لم يقل الله تعالى في الآية خيرًا فقط بل قد يكون من جرّاء ذلك المكروه خيرًا كثيرًا، فقد يكون الخير في ثنايا الشر، وإن لكل شدة فرجا، ولكل ضيق مخرجا، ولكل عسر يسرا.
أَيُّهَا الأحبة في الله: طالبٌ لم يوفق، أو تاجرٌ خسر، أو صحيحٌ مرض، لا يعني ذلك أبدًا النظر إلى الحياة نظرةً سوداء، ولا يعني بتاتًا القلق والاضطراب والوساوس، وكأن الدنيا أغلقت أبوابها في وجوههم، وكأن الحياة أعلنت ساعة الصفر لرحيلهم، وكأن أبواب الأمل أوصدت، ودروب الرجاء أقفلت، ومصادر الرزق قطعت، لا، إن المسلم بعزيمته، وتوكله على الله، وتفاؤلِه يتغلب على الصعاب، ويصارع الأحداث، فإذا أقفل باب فالأبواب متعددة، وإذا تعذر مجال فالمجالات متنوعة، والفرج قريب ورُبَّ محنٍ بين طياتها منحٌ كثيرة ..
الفأل هو كما عبّر عنه النبي ﷺ لما سأل مَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ» (١).
_________
(١) متفق عليه، البخاري (٥/ ٢١٧١)، ومسلم (٤/ ١٧٤٥).
1 / 68