Cause sui »؛ فالجوهر الواحد الشامل هو علة ذاته، بمعنى أنه «ما تنطوي فيه الماهية على الوجود؛ أي بعبارة أخرى: ما لا تتصور طبيعته إلا موجودة،
40
وسوف نتناول فكرة «علة ذاته» هذه بالتفصيل فيما بعد، وحسبنا أن نشير هنا إلى دلالتها على فكرة الوجود الضروري، غير المخلوق، للجوهر الواحد، الذي يمكن أن يفهم على أنه يعني الله أو الطبيعة. (2)
الصفة
attribute : «أعني بالصفة ما يدركه العقل في الجوهر مكونا لماهيته.»
41
ومثل هذا التعريف كان ينبغي أن يسبقه تعريف آخر للفظ «الماهية»، طالما أن اسپينوزا هنا بصدد تحديد معان دقيقة لكل لفظ من ألفاظه. ولكنا لا نهتدي إلى تعريف كهذا إلا في بداية الجزء الثاني من «الأخلاق»، حين يقول: «أعني بما ينتمي إلى ماهية الشيء، ذلك الذي إذا وجد، وجد الشيء أيضا بالضرورة، وإذا غاب، غاب الشيء أيضا بالضرورة، أو بعبارة أخرى: ذلك الذي لا يوجد الشيء ولا يتصور بدونه، ولا يوجد هو ذاته ولا يتصور بدون الشيء.»
42
فالصفة بهذا المعنى هي الجوهر ذاته، كما يتكشف للمعرفة، أو كما يفكر العقل في طبيعته. وهذا الجوهر يتكشف لنا، في رأي اسپينوزا، على وجهين: وجه مادي ووجه ذهني؛ أي إننا نعرف من الجوهر صفتين: الفكر والامتداد، ولكن ذلك لا يمنع، في رأيه، من وجود عدد لا متناه من الصفات الأخرى للجوهر، لا تصل إليها المعرفة، وحين نتحدث هنا عن المعرفة أو العقل، فليس المقصود هو القول بأي نوع من أنواع النسبة إلى ذهننا نحن، وإنما المقصود هو أن الصفة هي الجوهر كما ينظر إليه من خلال الإدراك العقلي بما هو كذلك. أما القول بأن اسپينوزا يقصد هنا نوعا من الإشارة إلى ذهننا نحن، فهو، كما قال «هاليت»، قراءة لاسپينوزا من خلال التطورات المثالية التي كان متحررا منها تماما؛ إذ ليست الصفة هي الجوهر كما ينسب إلى العقل البشري أو حتى الإلهي، وهي ليست «مظهرا» يرجع إلى نسبة عقلنا، وإنما هي الجوهر ذاته، كما يدركه العقل كلما بحثه.»
43
نامعلوم صفحہ