سياست نامه
سياست نامه أو سير الملوك
تحقیق کنندہ
يوسف حسين بكار
ناشر
دار الثقافة - قطر
ایڈیشن نمبر
الثانية، 1407
ولما أخذنا في المسير قال اعلم أنني ابن فلان التاجر الذي يقع قصره في مكان كذا من هذه المدينة والناس كلهم يعرفون أي رجل كان والدي وما كان له من مال وثروة وخلاصة الأمر أنه لما انتقل والدي إلى جوار ربه أطلقت لهواي العنان وسمت سرح اللهو وعاقرت ابنة الكرم سنوات فابتليت بمرض عضال فقدت معه كل أمل بالشفاء ونذرت نذرا لله تعالى أنني سأحج وأغزو إذا ما شفيت من مرضي ومن الله تعالى بالشفاء علي وقمت من المرض سالما وعقدت العزن على الحج ومن ثم الغزو وأعتقت جواري وغلماني جميعا ووهبتهم مالا وبيوتا وضياعا وألفت بيهم بالزواج ثم بعت ما كان لي من أسباب وضياع ومستغلات بخمسين ألف دينار ذهبا وفكرت في نفسي بأنني مقدم على سفرين محفوفين بالمخاطر فليس صوابا أن أحمل الذهب كله معي ورأيت أن أحمل ثلاثين الفا وأبقي العشرين الأخرى فاشتريت إبريقي نحاس ووضعت في كل منهما عشرة الاف دينار وقلت والان عند من أودعها ولم يدلني ضميري إلا على قاضي القضاة من المدينة كلها وقلت في نفسي إنه رجل عالم وقاض وقد اعتمده الملك ووكل إليه دماء المسلمين وأموالهم انه لن يخونني على أية حال فمضيت إليه وكلمته بالأمر سرا فقبل هو وسررت أنا ونهضت سحرا وحملت الإبريقين إلى بيته ووضعتهما عنده وديعة ثم مضيت في سبيلي فأديت فريضة الحج وتوجهت من مكة والمدينة إلى بلاد الروم والتحقت بالغزاة وقضيت سنوات أجاهد في سبيل الله وفي إحدى المعارك مع الكفار أصبت بجروح في مواطن من وجهي وعنقي وركبتي وفخذي ووقعت أسيرا بيد الروم وأمضيت أربع سنوات في أغلالهم وسجنهم إلى الوقت الذي ابتلي فيه القيصر بمرض فأطلق سراح جميع الأسرى وبعد فكاكي من الأسر التحقت بالمطوعة وخدمت في صفوفهم ولما هيأت نفقات طريق العودة قفلت راجعا على أمل أنني كنت قد أودعت قاضي بغداد عشرين ألف دينار
وبعد عشر سنوات عدت إلى بغداد صفر اليدين رث الملابس هزيل الجسم لشدة ما قاسيت من مشاق السفر والام ضنك العيش في تلك المدة وذهبت إلى القاضي فسلمت عليه وجلست عنده وانصرفت وترددت عليه على هذه الحال يومين ولما لم يقل لي شيئا ذهبت إليه في اليوم الثالث وجلست طويلا فلما لم يبق أحد اقتربت منه وقلت له بهدوء وبطء أنا فلان ابن فلان قد حججت وغزوت وعانيت المتاعب
صفحہ 112