الربق واختلال السد أَكثر لأصاب مقَالا لِأَن الْفَذ الَّذِي لَا ظهير لَهُ والفرد الَّذِي لَا معاضد لَهُ أحْوج إِلَى حسن الْعِنَايَة وأحق بِشدَّة الِاحْتِرَاز من المستظهر بكفاية الكفاة ورفد الوزراء والأعوان وَلِأَن المعدم الَّذِي لَا مَال لَهُ يحْتَاج من ترقح الْعَيْش وَمَرَمَّة الْحَال إِلَى أَكثر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْغَنِيّ الْمُوسر وَلَعَلَّ مُنكر يُنكر تمثيلنا أَحْوَال السوقة بأحوال الْمُلُوك أَو عائبا يعيب موازنتنا بَين الْحَالين أَو قادحا يقْدَح فِي مساواتنا بَين الْأَمريْنِ فَليعلم الْمُتَكَلف فِي النّظر فِي ذَلِك أَن تكلمنا فِي تقَارب النَّاس فِي الْأَخْلَاق والخلق وَفِي حاجات الْأَنْفس وَفِي دواعي الأجساد والمنازل دون الْمَرَاتِب والأحظار والأقدار
الْحَاجة إِلَى السياسة
ثمَّ ليعلم إِن كل إِنْسَان ملك وسوقة يحْتَاج إِلَى وَقت تقوم بِهِ حَيَاته وَيبقى شخصه ثمَّ يحْتَاج إِلَى إعداد فضل قوته لما يسْتَأْنف من وَقت حَاجته وَأَنه لَيْسَ سَبِيل الْإِنْسَان فِي اقتناء الأقوات سَبِيل سَائِر الْحَيَوَان الَّذِي ينبعث فِي طلب الرَّعْي وَالْمَاء عِنْد هيجان الْجُوع وحدوث الْعَطش وينصرف عَنْهُمَا بعد الشِّبَع والري غير معبئ بِمَا أفضله وَلَا حَافظ لما احتازه وَلَا عَالم بِعُود حَاجته إِلَيْهِمَا بل يحْتَاج الْإِنْسَان إِلَى مَكَان يخزن فِيهِ مَا يقتنيه
1 / 84