بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ حسبي
الْحَمد لله الَّذِي نهج لِعِبَادِهِ بِمَا دلهم عَلَيْهِ من حَمده وسبيل شكره وأشرع لَهُم بِمَا هيأهم لَهُ من شكره أَبْوَاب مزيدة وَمن عَلَيْهِم بِالْعقلِ الَّذِي جعله لدينهم عصمَة ولدنياهم عمادا وقائمة وحباهم بالنطق الَّذِي جعله فرقا بَينهم وَبَين الْبَهَائِم الْعَجم والأنعام الْبكم
فَالْحَمْد لله حمدا كثيرا على مَا عَم من حسن تَدْبيره وَشَمل من لطف تَقْدِيره حَتَّى حَاز كل صنف من أَصْنَاف خلقه حَظه من الْمصلحَة وَاسْتوْفى كل نوع سَهْمه من الْمرْفق وَالْمَنْفَعَة فَلم يفت جميل صنعه صَغِيرا وَلَا كَبِيرا بل أَفَاضَ عَلَيْهِم جَمِيعًا من سوابغ نعمه وشوامل مواهبه مَا صلحت بِهِ أَحْوَالهم وَتمّ بمكانه نقصهم وَقَوي من أَجله عجزهم ثمَّ خص بني آدم بخصائص من نعمه فَضلهمْ بهَا على كثير من خلقه فجعلهم أحسن الْخلق وطبائعهم أكمل الطبائع وتركيبهم أعدل التَّرْكِيب ومعيشتهم أنعم المعاش وسعيهم فِي منقلبهم أرد السَّعْي إِلَى الْعُقُول الرضية الَّتِي أمدهم بهَا والأحلام الراجحة الَّتِي أَيّدهُم بفضلها والآداب الْحَسَنَة الَّتِي ألبسهم جمَالهَا والأخلاق الْكَرِيمَة الَّتِي زينهم بِشَرَفِهَا مَعَ التَّمْيِيز الَّذِي أَرَاهُم بِهِ فرق مَا بَين الْخَيْر وَالشَّر وَخلاف مَا بَين الغي والرشد وَفضل مَا بَين الصَّانِع والمصنوع وَالْمَالِك والمملوك والسائس والمسوس حَتَّى صَار ذَلِك طَرِيقا لَهُم إِلَى الْمعرفَة مَا بَين الْخَالِق والمخلوق وسبيلا وَاضحا إِلَى تثبيت الصَّانِع الْقَدِيم إِلَّا جحود عناد أَو مُكَابَرَة عيان
1 / 81