سیر الصلف الصالحین

Ismail al-Isfahani d. 535 AH
72

سیر الصلف الصالحین

سير السلف الصالحين

تحقیق کنندہ

د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد

ناشر

دار الراية للنشر والتوزيع

پبلشر کا مقام

الرياض

وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، يَدْعُو لَكَ فَغَاظَنِي ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُلْتُ: أَيْنَ أَنْتَ عَنْ صَاحِبِهِ تُفَضِّلُهُ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْكَ يَشْكُونِي. قَالَ: فَانْدَفَعَ عُمَرُ بَاكِيًا، وَهُوَ يَقُولُ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَوْفَقُ مِنْهُ، وَأَرْشَدُ مِنْهُ، فَهَلْ أَنْتَ غَافِرٌ لِي ذَنْبِي، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، قُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ انْدَفَعَ بَاكِيًا وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ وَآلِ عُمَرَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ بِلَيْلَتِهِ وَيَوْمِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَمَّا لَيْلَتُهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ هَارِبًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، خَرَجَ لَيْلًا فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ مَرَّةً يَمْشِي أَمَامَهُ، وَمَرَّةً خَلْفَهُ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ، وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ فِعَالِكَ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَذْكُرُ الرَّصَدَ فَأَكُونُ أَمَامَكَ، وَأَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَكُونُ خَلْفَكَ وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِكَ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِكَ لَا آمَنُ عَلَيْكَ، فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ حَتَّى حَفِيَتْ رِجْلَاهُ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو بَكْرٍ ﵁ أَنَّهَا قَدْ حَفِيَتْ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ فَمَ الْغَارِ، فَأَنْزَلَهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تَدْخُلُهُ أَنْتَ حَتَّى أَدْخُلَهُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ بَدَأَ بِي قَبْلَكَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَرِيبُهُ، فَحَمَلَهُ وَأَنْزَلَهُ وَكَانَ فِي الْغَارِ خَرْقٌ فِيهِ حَيَّاتٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ أَلْقَمَهُ قَدَمَهُ، فَجَعَلَ يَلْسَعُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ، وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَنْحَدِرُ عَلَى خَدِّهِ مِنْ أَلَمِ مَا يَجِدُ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ، - أَيْ طُمَأْنِينَتَهُ - لِأَبِي بَكْرٍ ﵁ فَهَذِهِ لَيْلَتُهُ،

1 / 79