عربی عوامی سیار اور ملاحم
السير والملاحم الشعبية العربية
اصناف
ويبدو أن راوي السيرة خبير بمصر وجغرافيتها، لغتها وعاداتها؛ فهو يذكر لنا كثيرا من بلادها وشوارعها، وقد جاء في السيرة ذكر أسوان وإسنا، وأخميم وأسيوط، ومنفلوط، وملوي، وأهناس وحلوان، والجيزة ومصر، وحارة بين الوطاويط، وقلعة الجبل، والروضة، وبولاق، كما ذكرت كثيرا من مدن الوجه البحري كدمنهور، وفوة، وفارسكور، وإسكندرية، ورشيد، ودمياط، وسمنود.
وقبل أن نختم حديثنا عن هذه السيرة نحب أن نشير إلى ملاحظة هامة وهي تعرض هذه السيرة للإضافات المقحمة عليها أو ما يعرف بالتراكم الملحمي أو الإضافات والحذف التي اضطلع بها الرواة ونساخو السير عبر العصور، مما أفسدها تاريخ حياتها وتأريخها ذاته، وأوقع بالكثير من الباحثين والمتعاقبين على دراستها في متاهات الغموض، إن لم تكن المغالطات المتعمدة. (2) عنترة بن شداد
يحق لكثيرين من الباحثين الذين تعاقبوا على دراسة أشهر سيرة ملحمية عربية - عنترة - اعتبارها بحق «إلياذة الصحراء» ذلك أنها واحدة من عيون سير البطولة الشعبية العربية التي ما تزال أشعارها ومعلقاتها ماثلة منذ العصور الجاهلية الأولى وحتى أيامنا.
وهي أشعار البطولة ضد الأخطار ببلداننا العربية خاصة من الدولتين الكبيرتين، المصدر الدائم لهذا الخطر الداهم، وهما الدولتان الإيرانية الفارسية، والرومانية البيزنطية فيما بعد.
ومن هنا ظل هذا الخطر المحدق الجاثم على بلداننا العربية مصدر قلق شعبي دائم متصل في حقلي السير والملاحم الشعبية العربية، منها سيرة الأمير حمزة البهلوان، وعمر النعمان، وفيروز شاه، ثم عنترة بن شداد ومعلقاته الشهيرة عن حروبه ضد الفرس.
سلي يا ابنة العبسي رمحي وصارمي
وما فعلا في يوم حرب الأعاجم
لذا ما تزال أشعار عنترة ورسومه واسمه ماثلة متواترة على طول الوجدان الشعبي العربي، فالشخص القوي يدعى «عنتر» والحمل الثقيل الذي لا يقوى على حمله إلا من أوتي قوة عنترة هو حمل متعنتر، ولباس النساء الذي يبرز ثدي المرأة ويقويه سمي «عنتري»، وأكبر مقبرة عرفتها أسيوط القديمة هي «اصطبل عنتر».
فشخصية عنترة هي إذن من الشخصيات التي تغلغلت في صميم الحياة العربية، وهي الشخصية التي تتمثل فيها الرابطة السامية الحامية أجل تمثيل؛ فنحن هنا لا ندري نزاعا بين هذين الفرعين بل نلمس صفاء ومودة وسلاما، فأم عنتر «زبيبة» حامية وأبوه سامي، ويفخر بطل القصة بنسبه هذا ويقول:
يقدمه فتى من خير عبس
نامعلوم صفحہ