سير أعلام النبلاء
سير أعلام النبلاء
ناشر
دار الحديث
ایڈیشن نمبر
١٤٢٧هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠٦م
پبلشر کا مقام
القاهرة
﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفَتْحُ: ١٨]، وَقَدْ صَلَّى رَسُوْلُ اللهِ ﷺ وراءه.
وتراه أخي القارئ ينافح عن عبد الرحمن بن عوف في اتهامه بأنه حابى عثمان بن عفان في اختياره خليفة للمسلمين؛ فقال -رحمه الله تعالى- في أوجز عبارة وأخصر بيان في كتابه "السير" "٣/ ٦٢": "من أفضل أعمال عبد الرحمن بن عوف عَزْلُهُ نَفْسَهُ مِنَ الأَمْرِ وَقْتَ الشُّورَى، وَاخْتِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَنْ أَشَارَ بِهِ أَهْلُ الحِلِّ وَالعَقْدِ، فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ عَلَى جَمْعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثْمَانَ، وَلَوْ كَانَ مُحَابِيًا فِيْهَا لأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ لَوَلاَّهَا ابْنَ عمَّه، وَأَقْرَبَ الجماعة إليه سعد بن أبي وقاص".
فالله الله يا ذهبي فلقد كنت ذا عقل راجح، وفكر ناضح، وفقه متين في الدين.
وتراهُ يُنافحُ عن سيد الخلق ﷺ فيجيبُ عن سؤال هام وهو: هل شارك رَسُوْلُ اللهِ ﷺ أَهْلُ الجاهلية في أفعالهم قبل البعثة؟! فيُجلِّى شمائل الرسول قبل البعثة وبعدها فيقول ﵀ في كتابه "السير" "٣/ ٨٨":
ما زَالَ المُصْطَفَى مَحْفُوظًا مَحْرُوْسًا قَبْلَ الوَحْيِ وَبَعْدَهُ، ولو احتمل جواز أكله مما ذُبح على النُّصُب، فَبِالضَّرُوْرَةِ نَدْرِي أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ ذَبَائِحِ قُرَيْشٍ قَبْلَ الوَحْيِ، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الإِبَاحَةِ، وَإِنَّمَا تُوْصَفُ ذَبَائِحُهُمْ بِالتَّحْرِيْمِ بَعْدَ نُزُوْلِ الآيَةِ، كَمَا أَنَّ الخَمْرَةَ كَانَتْ عَلَى الإِبَاحَةِ إِلَى أَنْ نَزَلَ تَحْرِيْمُهَا بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ يَوْمِ أُحُدٍ، وَالَّذِي لاَ رَيْبَ فِيْهِ أَنَّهُ كَانَ مَعْصُوْمًا قَبْلَ الوَحْيِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّشْرِيْعِ مِنَ الزِّنَى قطعًا، ومن الخيانة، ومن الغدر، وَالكَذِبِ، وَالسُّكْرِ. وَالسُّجُوْدِ لِوَثَنٍ، وَالاسْتِقْسَامِ بِالأَزْلاَمِ، وَمِنَ الرَّذَائِلِ، وَالسَّفَهِ، وَبَذَاءِ اللِّسَانِ، وَكَشْفِ العَوْرَةِ، فَلَمْ يَكُنْ يَطُوْفُ عُرْيَانًا، وَلاَ كَانَ يَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ مَعَ قَوْمِهِ بِمُزْدَلِفَةَ، بَلْ كَانَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ. وبكلِّ حَالٍ لَوْ بَدَا مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، لَمَا كَانَ عَلَيْهِ تَبِعَةٌ، لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَعْرِفُ، وَلَكِنَّ رُتْبَةَ الكَمَالِ تَأْبَى وُقُوْعَ ذَلِكَ مِنْهُ ﷺ تسليمًا.
الله الله يا ذهبي فما أبرع هذا الكلام، وما أحسن هذا الفهم الذي يدُلُّ على عقل راجح، وفقه متين في الدين.
وتراهُ يبين فضل سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل أحد العشرة المبشرين بالجنة، ويبين عدل عمر بن الخطاب ونزاهته فيقول في "السير" "٣/ ٩١": لم يكن سعيد مُتَأَخِّرًا عَنْ رُتْبَةِ أَهْلِ
1 / 36