فتحت عيني المحمرتين، وفركتهما طويلا قبل أن أميز القاضي الذي كان محنيا علي كأنه يستمع إلى دقات قلبي ويصيح: أنت يونس! قلت لك أنت يونس نفسه! يونس في بطن الحوت!
لا أدري إلى الآن ماذا فعلت. كل ما أذكره أنني صرخت صرخة حادة، مفاجئة، مفزوعة كصرخة المقتول وهو يحس بالسكين القاضية تخترق صدره قبل أن تصل إلى القلب. وقبل أن أغيب عن الوعي خيل إلي كأن الأبواب المجاورة لنا تفتح عنوة، وصوت أقدام مسرعة تصعد السلم، وأناسا كثيرين تزدحم بهم الحجرة، ويتعالى صياحهم وضجيجهم كأن كل واحد يزعق في بوق، بل لا أخفي عليكم أنني - وأنا ما زلت راقدا في المستشفى أعالج من أثر الصدمة - لا أعرف الآن إن كان ذلك كله قد حدث لي في حجرة الفندق أم أن ذلك الذي ظننته القاضي محمود كان مجنونا اقتحم غرفتي، أو كان مجرد كابوس ثقيل جثم على صدري لحظة وأنا في عز النوم، حتى إنني على كل حال ما زلت أعالج من الصدمة، وما زلت أفكر في البحث عن وكيل المحامي حسان وفي إمكان رفع دعوى الحجر على أبي الذي نسينا أنا وأمي وإخوتي الثلاثة، كما طردني من بيته كما قال إلى الأبد.
فيدو
ذكرت الجرائد اسمك يا فيدو.
1
نشرت المجلات صورتك.
كتبت بالخط العريض - بلون الدم - كلمات تقرؤها يا فيدو.
أنت لم تر المصورين حين التفوا حولك وكانت آلاتهم تخطف كالبرق.
لأن عينيك كانتا تزدحمان بالدموع.
لأنك كنت تبكي يا فيدو.
نامعلوم صفحہ