61

قرة عيني

هل تذكر ذلك العجوز المجنون بالجوار؟ فقد جاء وأكل تلك الأشياء من على الشجرة الوردية في الحديقة، أقصد شجرة البرقوق المزروعة بغرض الزينة، لا بد أنه انجذب إلى ثمار البرقوق بألوانها البراقة، إنها صلبة كالحجر ولا يمكن لأحد أكلها. أنا متأكدة من ذلك، ولكنني رأيته يقطفها ويبتلعها حفنة حفنة. كنت أجلس على الأرضية في الغرفة الزجاجية على الوسائد القرمزية، حيث كنت أنا وأنت ...

نور عيني

حلمت بك الليلة الماضية. كان حلما غريبا جميلا. كنت تمسك شعري بين يديك وتقول: كل هذا الشعر ثقيل بالنسبة إليك، عليك أن تقصيه؛ لأنه سيستنزف قوتك. والطريقة التي قلت بها ذلك كانت جميلة جدا، عاطفية جدا، كما لو كنت تعني شيئا آخر وليس شعري فقط. كيف يمكنني يا حبيبي أن أحكي لك ما تقوله لي في أحلامي إن لم تكتب لي؟ لذا أرجو أن تكتب وتحكي لي، تحكي لي ما تقوله لي في أحلامي ...

حبيبي

أحاول جاهدة أن أكف عن الكتابة إليك؛ لأنني أعتقد أنني يجب أن أعطيك الخيار، لا أريد أن أطاردك وأعذبك بإلحاحي لكن اختفاءك هكذا فجأة أمر بالغ القسوة على نفسي، فأنا أشعر بشعور فظيع حينما تتركني وحيدة. ولو أنك أخبرتني أنك لا تريد رؤيتي أو حتى مراسلتك مجددا لتقبلت الأمر، أعتقد أنني أستطيع، أما عدم معرفتي الحقيقة فهو الأمر المريع. يمكنني تدبر أمر مشاعري إن اضطررت إلى ذلك كما يمكنني الشفاء من حبك، ولكن يجب أن أعرف أولا إن كنت تحبني وتريدني في حياتك بعد ذلك؛ لذا أرجوك، أرجوك قل لي نعم أو لا.

أما الرسالة الأخيرة فلم تكن رسالة في الواقع، بل شخبطات كبيرة على الورقة دون أي تحيات أو توقيع:

أرجوك اكتب لي أو هاتفني، فأنا أكاد أصاب بالجنون. أكره أن أكون هكذا ولكن الأمر يفوق قدرتي على الاحتمال؛ لذا أتوسل إليك. «لم أكتب تلك الرسائل.» «ألست أنت من كتبتها؟» «كلا. لا أعرف من كتبتها. لا أعرف.» «فلماذا أخذت الرسائل إذن؟» «لم أفهم الأمر. ولم أعرف عما كنت تتحدثين. لقد مررت بصدمة مؤخرا وفي بعض الأحيان لا أستطيع ... لا أستطيع الانتباه.» «لا بد أنك اعتقدت أنني مجنونة.» «كلا. كل ما هنالك أنني لم أعرف ما يجري من حولي.» «لعلك رأيت إذن أن زوجي قد توفي. توفي في مارس. حسنا، لقد أخبرتك بذلك من قبل، وما زلت أتلقى تلك الرسائل، ولا يوجد عليها عنوان لإرجاعها لصاحبتها عليه. فهي مغفلة التوقيع. خاتم البريد يعود إلى فانكوفر، ولكن فيما يفيدني ذلك؟ كنت أترقب حضورها؛ فقد استشعرت من رسائلها إقدامها على عمل متهور.» «نعم.» «هل قرأت كل الرسائل؟» «نعم.» «هل كان الأمر يستلزم قراءتها كلها لتعرفي أن ثمة خطأ؟» «كلا، ولكن الفضول هو ما دفعني لقراءتها كلها.» «تبدين مألوفة لي. الكثير من الناس يبدون لي كذلك، بسبب طبيعة عملي في المكتبة؛ حيث أرى الكثير من الناس.»

أخبرتها باسمي، اسمي الحقيقي، ولم لا؟ فذلك لا يعني لها شيئا. «أرى الكثير جدا من الناس.» ثم أمسكت بكيس الرسائل ورفعته فوق سلة المهملات وتركته يسقط فيها، مضيفة: «لا أستطيع الاحتفاظ بها أكثر من ذلك.» «صحيح.» «سأكتفي بتركها تعاني.» «في النهاية ستعرف الحقيقة.» «وماذا لو لم تعرف؟ هذا أمر لا يعنيني في شيء.» «صحيح.»

لم تعد لدي رغبة في مواصلة التحدث معها، لم تعد لدي رغبة في مواصلة سماع قصصها. يبدو لي الجو حولها خانقا، كما لو أنها كانت تشع ضوءا يتضاءل ويتخافت.

نامعلوم صفحہ