قلت: «أمام كام فرصة كبيرة للشهرة، سيصبح مادة خصبة للصحف.»
اتصل هارو بالمستشفى، ليستقصي عن أخبار جديدة، لكن لم يكن هناك جديد: «هل وجدتم صعوبة في إقناع هؤلاء الشباب بترك غرفة الانتظار؟ هل رحلوا بهدوء؟» هارو يكبرني بعشر سنوات، رجل رصين، وصبور جدا مع كل الناس. كنت أحيانا أعتقد أنه يعطي كام نقودا لا أعلم عنها شيئا.
قال لي: «لقد رحلوا بهدوء. لا تقلقي بشأن الصحف، وخذي قسطا من النوم.»
لم أقصد أن أنام على الأريكة، ولكن هذا ما حدث، بعد اليوم الطويل وبعد الشراب. استيقظت على صوت جرس الهاتف، ورأيت نور الصباح ينفذ من الشباك ليضيء الحجرة. تعثرت في طريقي إلى المطبخ، أجر خلفي البطانية التي وضعها هارو علي. استرقت نظرة على ساعة الحائط، وجدتها السادسة إلا الربع. كل ما خطر في بالي أنها قد توفيت.
كان على الهاتف طبيبها الخاص.
قال إن لديه أخبارا مبشرة بالخير؛ فقد تحسنت كثيرا ذاك الصباح عن أمس.
سحبت كرسيا ليسقط جسمي عليه، وارتميت بيدي ورأسي على منضدة المطبخ لألتقط أنفاسي. رفعت سماعة الهاتف مرة أخرى لأسمعه يقول إنها ما زالت بحالة حرجة، وأن الثماني والأربعين ساعة القادمة هي ساعات الحسم، التي ستحدد وضعها بالضبط، وقد أرادني فقط أن أعرف أنها تستجيب للعلاج مبدئيا، دون أن أرفع سقف آمالي. قال إن هذا تطور مفاجئ، نظرا لوصولها المستشفى بحالة متأخرة جدا، وأن ما فعلوه لمساعدتها في البداية بدا أنه غير ذي تأثير كبير، إلا أن تجاوزها الساعات الأولى كان بالتأكيد علامة مبشرة. جال بخاطري أنه لم يعلمني أحد بالأمس عن تلك العلامة المبشرة.
جلست مدة ساعة على الأقل بعدما أغلقت الخط، أعددت كوبا من القهوة سريعة التحضير، كانت يداي ترتعشان لدرجة أني صببت الماء في الفنجان بصعوبة، ولم أستطع بعد ذلك رفعه إلى فمي، فتركته حتى برد. أخيرا أتى هارو مرتديا منامته، ألقى علي نظرة سريعة وقال: «على رسلك يا فال، هل توفيت؟» «كلا، بل أصبحت أفضل إلى حد ما، إنها تستجيب للعلاج.» «لكن منظرك يوحي بالعكس.» «كل ما هنالك أني مندهشة.» «لم أكن لأراهن على نجاتها أمس.» «أعرف، أنا أيضا لا أصدق.»
قال هارو: «إنه التوتر، أعلم ذلك؛ فقد هيأت نفسك لحدوث شيء سيئ، وعندما لم يحدث شعرت بذلك الإحساس الغريب، لم تشعري بالسعادة لدى سماعك لهذا، هذا الإحساس يشبه خيبة الأمل تقريبا.»
خيبة الأمل! ظل معنى تلك الكلمة يلازمني. كنت سعيدة بحق، وممتنة، لكن بأعماقي كنت أفكر، فبعد كل ذلك لم يتسبب كام في قتلها، بإهماله وجنونه وتجاهله لها، هو لم يقتلها، بل أنا كنت أقتلها! نعم كنت أقتلها. شعرت بأسى كبير يعتري جزءا مني عندما اكتشفت أن تلك هي الحقيقة. أعلم أن هارو يدرك ذلك، لكنه لن يتحدث معي أبدا بهذا. هذه هي الحقيقة التي صدمتني، وجعلتني لا أكف عن الارتعاش على هذا النحو؛ لا علاقة للأمر بأن أمي ستموت أو ستكتب لها النجاة، بل بما عرفته عن حقيقتي بجلاء.
نامعلوم صفحہ